وَكَانَ تَاشُ فَرَّاشَ قَدْ مَلَأَ الْبِلَادَ ظُلْمًا وَجَوْرًا، حَتَّى تَمَنَّى النَّاسُ الْخَلَاصَ مِنْهُمْ وَمِنْ دَوْلَتِهِمْ، وَخُرِّبَتِ الْبِلَادُ، وَتَفَرَّقَ أَهْلُهَا، فَلَمَّا وَلِيَ الْحَمْدُونِيُّ، وَأَحْسَنَ، وَعَدَلَ، عَادَتِ الْبِلَادُ فَعُمِّرَتْ، وَالرَّعِيَّةُ أَمِنَتْ، وَكَانَ الْإِرْجَافُ شَدِيدًا بِالْعِرَاقِ لَمَّا كَانَ الْمَلِكُ مَسْعُودٌ بِنَيْسَابُورَ، فَلَمَّا عَادَ سَكَنَ النَّاسُ وَاطْمَأَنُّوا.
ذِكْرُ ظَفَرِ مَسْعُودٍ بِصَاحِبِ سَاوَةَ وَقَتْلِهِ
فِيهَا قَبَضَ عَسْكَرُ السُّلْطَانِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودٍ عَلَى شَهْرَيُوشَ بْنِ وَلْكِينَ، فَأَمَرَ بِهِ مَسْعُودٌ فَقُتِلَ وَصُلِبَ عَلَى سُورِ سَاوَةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ شَهْرَيُوشَ كَانَ صَاحِبَ سَاوَةَ وَقُمٍّ وَتِلْكَ النَّوَاحِي، فَلَمَّا اشْتَغَلَ مَسْعُودٌ بِأَخِيهِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ جَمَعَ شَهْرَيُوشُ جَمْعًا وَسَارَ إِلَى الرَّيِّ مُحَاصِرًا لَهَا، فَلَمْ يَتِمَّ مَا أَرَادَهُ، وَجَاءَتِ الْعَسَاكِرُ فَعَادَ عَنْهَا.
ثُمَّ [فِي] هَذِهِ السَّنَةِ اعْتَرَضَ الْحُجَّاجَ الْوَارِدِينَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَعَمَّهُمْ أَذَاهُ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ مَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ، وَأَسَاءَ إِلَيْهِمْ، وَبَلَغَ ذَلِكَ إِلَى مَسْعُودٍ، فَتَقَدَّمَ إِلَى تَاشَ فَرَّاشَ، وَإِلَى أَبِي الطَّيِّبِ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَلِيفَتِهِ مَعَهُ، يَطْلُبُ شَهْرَيُوشَ وَقَصْدَهُ أَيْنَ كَانَ، وَاسْتِنْفَادَ الْوُسْعِ فِي قِتَالِهِ، فَسَارَتِ الْعَسَاكِرُ فِي أَثَرِهِ، فَاحْتَمَى بِقَلْعَةٍ تُقَارِبُ قُمًّا تُسَمَّى فُسْتُقَ، وَهِيَ حَصِينَةٌ، عَالِيَةُ الْمَكَانِ، وَثِيقَةُ الْبُنْيَانِ، فَأَحَاطُوا بِهِ وَأَخَذُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى مَسْعُودٍ فِي أَمْرِهِ، فَأَمَرَهُمْ بِصَلْبِهِ عَلَى سُورِ سَاوَةَ.