رَمَضَانَ، وَأَقَامَ إِلَى الْعِيدِ، فَعَيَّدَ هُنَاكَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الثُّلَاثَاءِ، ثَالِثُ شَوَّالٍ، ثَارَ بِهِ جُنْدُهُ، فَأَخَذُوهُ وَقَيَّدُوهُ وَحَبَسُوهُ، وَكَانَ مَشْغُولًا بِالشُّرْبِ وَاللَّعِبِ عَنْ تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ، وَالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِ الْجُنْدِ وَالرَّعَايَا.
وَكَانَ الَّذِي سَعَى فِي (خِذْلَانِهِ عَلِيٌّ) خُوَيْشَاوَنْدَ، صَاحِبُ أَبِيهِ، وَأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَمُّهُ يُوسُفُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ. فَلَمَّا قَبَضُوا عَلَيْهِ نَادَوْا بِشِعَارِ أَخِيهِ مَسْعُودٍ، وَرَفَعُوا مُحَمَّدًا إِلَى قَلْعَةِ تَكْنَابَاذَ، وَكَتَبُوا إِلَى مَسْعُودٍ بِالْحَالِ. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى هَرَاةَ لَقِيَتُهُ الْعَسَاكِرُ مَعَ الْحَاجِبِ عَلِيٍّ خُوَيْشَاوَنْدَ، فَلَمَّا لَقِيَهُ الْحَاجِبُ عَلِيٌّ قَبَضَ عَلَيْهِ وَقَتَلَهُ، وَقَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى عَمِّهِ يُوسُفَ، وَهَذِهِ عَاقِبَةُ الْغَدْرِ، وَهُمَا سَعَيَا لَهُ فِي رَدِّ الْمُلْكِ إِلَيْهِ، وَقَبَضَ أَيْضًا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْقُوَّادِ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَكَانَ اجْتِمَاعُ الْمُلْكِ لَهُ وَاتِّفَاقُ الْكَلِمَةِ عَلَيْهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَأَخْرَجَ الْوَزِيرَ أَبَا الْقَاسِمِ أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ الْمِيمَنْدِيَّ الَّذِي كَانَ وَزِيرَ أَبِيهِ مِنْ مَحْبِسِهِ، وَاسْتَوْزَرَهُ، وَرَدَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ قَبَضَ عَلَيْهِ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ لِأُمُورٍ أَنْكَرَهَا، وَقِيلَ شَرِهَ فِي مَالِهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ (لَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ) مَالًا وَأَعْرَاضًا بِقِيمَةِ خَمْسَةِ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَكَانَ وُصُولُ مَسْعُودٍ إِلَى غَزْنَةَ ثَامِنَ جُمَادَى الْآخِرَةِ (مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ) ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا وَثَبَتَ مُلْكُهُ بِهَا أَتَتْهُ رُسُلُ الْمُلُوكِ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ إِلَى بَابِهِ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مُلْكُ خُرَاسَانَ، وَغَزْنَةَ، وَبِلَادِ الْهِنْدِ وَالسِّنْدِ، وَسِجِسْتَانَ، وَكِرْمَانَ، وَمُكْرَانَ، وَالرَّيِّ، وَأَصْبَهَانَ، وَبَلَدِ الْجَبَلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَظُمَ سُلْطَانُهُ، وَخِيفَ جَانِبُهُ.