وَلَمَّا مَلَكَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ هَمَذَانَ سَارَ إِلَى الدِّينَوَرِ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ إِلَى سَابُورَ خُوَاسْتَ فَمَلَكَهَا أَيْضًا، وَجَمَعَ تِلْكَ الْأَعْمَالَ، وَقَبَضَ عَلَى أُمَرَاءِ الدَّيْلَمِ (الَّذِينَ بِهَمَذَانَ) ، وَسَجَنَهُمْ بِقَلْعَةٍ عِنْدَ أَصْبَهَانَ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَأَقْطَاعَهُمْ، وَأَبْعَدَ كُلَّ مَنْ فِيهِ شَرٌّ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا شَرَّ فِيهِ، وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ، فَقَامَتْ هَيْبَتُهُ، وَخَافَهُ النَّاسُ، وَضَبَطَ الْمَمْلَكَةَ. وَقَصَدَ حُسَامَ الدَّوْلَةِ أَبَا الشَّوْكِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ يَشْفَعُ فِيهِ، فَعَادَ عَنْهُ.
ذِكْرُ وَزَارَةِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيِّ لِمُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ عَلَى وَزِيرِهِ مُؤَيِّدِ الْمُلْكِ الرُّخَّجِيِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَتْ وَزَارَتُهُ سَنَتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ أَنَّ الْأَثِيرَ الْخَادِمَ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَادِرَ ابْنَ شَعْيَا الْيَهُودِيَّ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَكَانَ مُتَعَلِّقًا عَلَى الْأَثِيرِ، فَسَعَى وَعَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ بَعْدَهُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَغْرِبِيَّ، وَمَوْلِدُهُ بِمِصْرَ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ فِي هَمَذَانَ، فَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَتَوَلَّى بِهَا، فَقَتَلَهُ الْحَاكِمُ، فَهَرَبَ وَلَدُهُ أَبُو الْقَاسِمِ إِلَى الشَّامِ، وَقَصَدَ حَسَّانَ بْنَ الْفَرَجِ بْنِ الْجَرَّاحِ الطَّائِيَّ، وَحَمَلَهُ عَلَى مُخَالَفَةِ الْحَاكِمِ وَالْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَحَسَّنَ لَهُ أَنْ يُبَايِعَ أَبَا الْفُتُوحِ الْحَسَنَ بْنَ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيَّ، أَمِيرَ مَكَّةَ، فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ، وَاسْتَقْدَمَهُ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَخُوطِبَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَأَنْفَذَ الْحَاكِمُ إِلَى حَسَّانَ مَالًا جَلِيلًا، وَأَفْسَدَ مَعَهُ حَالَ أَبِي الْفُتُوحِ، فَأَعَادَهُ حَسَّانُ إِلَى وَادِي الْقُرَى، وَسَارَ أَبُو الْفُتُوحِ مِنْهُ إِلَى مَكَّةَ. ثُمَّ قَصَدَ أَبُو الْقَاسِمِ الْعِرَاقَ