عَلَى أَوْلَقٍ فِيهِ الْتِفَاتٌ كَأَنَّهُ
أَبُو جَابِرٍ فِي خَطْبِهِ وَجُنُونِهِ ... إِلَى أَنْ بَدَا ضَوْءُ الصَّبَاحِ كَأَنَّهُ
سَنَا وَجْهِ قِرْوَاشٍ وَضَوْءَ جَبِينِهِ
وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّهَا غَايَةٌ فِي الْجَوْدَةِ لَمْ يُقَلْ خَيْرٌ مِنْهَا فِي مَعْنَاهَا.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ قِرْوَاشٍ وَغَرِيبِ بْنِ مَقْنٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، اجْتَمَعَ غَرِيبُ بْنُ مَقْنٍ، وَنُورُ الدَّوْلَةِ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ، وَأَتَاهُمْ عَسْكَرٌ مِنْ بَغْدَاذَ، فَقَاتَلُوا قِرْوَاشًا، وَمَعَهُ رَافِعُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عِنْدَ كَرْخِ سُرَّ مَنْ رَأَى، فَانْهَزَمَ قِرْوَاشٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَأُسِرَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَنُهِبَتْ خَزَائِنَهُ وَأَثْقَالُهُ، وَاسْتَجَارَ رَافِعٌ بِغَرِيبٍ، وَفَتَحُوا تَكْرِيتَ عَنْوَةً، وَعَادَ عَسْكَرُ بَغْدَاذَ إِلَيْهَا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ.
ثُمَّ إِنَّ قِرْوَاشًا خَلَصَ، وَقَصَدَ سُلْطَانَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ ثِمَالٍ، أَمِيرَ خَفَاجَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَعَادَ قِرْوَاشٌ وَانْهَزَمَ ثَانِيًا هُوَ وَسُلْطَانٌ، وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بَيْنَهُمْ غَرْبَيِ الْفُرَاتِ. وَلَمَّا انْهَزَمَ قِرْوَاشٌ مَدَّ نُوَّابُ السُّلْطَانِ أَيْدِيَهُمْ إِلَى أَعْمَالِهِ، فَأَرْسَلَ يَسْأَلُ الصَّفْحَ عَنْهُ، وَيَبْذُلُ الطَّاعَةَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا أَغَارَتْ زِنَاتَةُ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَى دَوَابِّ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، صَاحِبِ الْبِلَادِ لِيَأْخُذُوهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَامِلُ مَدِينَةِ قَابِسٍ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ.
وَفِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، نَشَأَتْ سَحَابَةٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ أَيْضًا شَدِيدَةُ الْبَرْقِ وَالرَّعْدِ