وَالْمَصَاحِفِ، وَالسُّتُورِ، وَالْحُصْرِ، مَا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ، وَحَمَلَ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ، أَوِ الْمَسِيرِ إِلَى مَأْمَنِهِمْ أَوْ لُبْسِ الْغِيَارِ، فَأَسْلَمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، ثُمَّ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْقَاهُ فَيَقُولُ لَهُ: إِنَّنِي أُرِيدُ الْعَوْدَةَ إِلَى دِينِي، فَيَأْذَنُ لَهُ، وَمَنَعَ النِّسَاءَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَقَتَلَ مَنْ خَرَجَ مِنْهُنَّ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ مَنْ لَا قَيِّمَ لَهَا يَقُومُ بِأَمْرِهَا، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَحْمِلُوا كُلَّ مَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ إِلَى الدُّرُوبِ وَيَبِيعُوهُ (عَلَى النِّسَاءِ) ، وَأَمَرَ مَنْ يَبِيعُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شِبْهُ الْمِغْرَفَةِ بِسَاعِدٍ طَوِيلٍ يَمُدُّهُ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ، وَفِيهِ مَا تَشْتَرِيهِ، فَإِذَا رَضِيَتْ وَضَعَتِ الثَّمَنَ فِي الْمِغْرَفَةِ، وَأَخَذَتْ مَا فِيهَا لِئَلَّا يَرَاهَا، فَنَالَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ عَظِيمَةٌ.

(وَلَمَّا فُقِدَ الْحَاكِمُ وَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ، وَلُقِّبَ الظَّاهِرَ لِإِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ، وَأُخِذَتْ لَهُ الْبَيْعَةُ، وَرَدَّ النَّظَرَ فِي الْأُمُورِ جَمِيعِهَا إِلَى الْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيِّ) .

ذِكْرُ مُلْكِ مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ الْعِرَاقَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْحِجَّةِ، عَظُمَ أَمْرُ أَبِي عَلِيٍّ مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ بْنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَخُوطِبَ بِأَمِيرِ الْأُمَرَاءِ، ثُمَّ مَلِكِ الْعِرَاقِ، وَأَزَالَ عَنْهُ أَخَاهُ سُلْطَانَ الدَّوْلَةِ.

وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْجُنْدَ شَغَبُوا عَلَى سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ، وَمَنَعُوهُ مِنَ الْحَرَكَةِ، وَأَرَادَ تَرْتِيبَ أَخِيهِ مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ فِي الْمُلْكِ، فَأُشِيرَ عَلَى سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ، وَأَرَادَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ الِانْحِدَارَ إِلَى وَاسِطٍ، فَقَالَ الْجُنْدُ: إِمَّا أَنْ تَجْعَلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015