الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ (بْنُ إِسْمَاعِيلَ) بْنِ عَبَّادٍ إِلَيْهِ بِإِشْبِيلِيَّةَ، وَأَذَاعَ أَمْرَهُ، وَقَامَ بِنَصْرِهِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْأَنْدَلُسِ فِي طَاعَتِهِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ صَاحِبُ بَلَنْسِيَةَ وَنَوَاحِيهَا، وَصَاحِبُ قُرْطُبَةَ، وَصَاحِبُ دَانِيَةَ وَالْجَزَائِرِ، وَصَاحِبُ طُرْطُوشَةَ، وَأَقَرُّوا بِخِلَافَتِهِ وَخَطَبُوا لَهُ، وَجُدِّدَتْ بَيْعَتُهُ بِقُرْطُبَةَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَبَّادٍ سَيَّرَ جَيْشًا إِلَى زُهَيْرٍ الْعَامِرِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ لِلْمُؤَيَّدِ، فَاسْتَنْجَدَ زُهَيْرٌ حَبُّوسَ بْنَ مَاكِسَنَ الصِّنْهَاجِيَّ صَاحِبَ غَرْنَاطَةَ، فَسَارَ إِلَيْهِ بِجَيْشِهِ، فَعَادَتْ عَسَاكِرُ ابْنِ عَبَّادٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ قِتَالٌ، وَأَقَامَ زُهَيْرٌ فِي بَيَّاسَةَ، وَعَادَ حَبُّوسٌ إِلَى مَالِقَةَ، فَمَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ بَادِيسُ، وَاجْتَمَعَ هُوَ وَزُهَيْرٌ لِيَتَّفِقَا كَمَا كَانَ زُهَيْرٌ وَحَبُّوسٌ، فَلَمْ تَسْتَقِرَّ بَيْنَهُمَا قَاعِدَةٌ، وَاقْتَتَلَا، فَقُتِلَ زُهَيْرٌ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوَاخِرَ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .
ثُمَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] الْتَقَى عَسْكَرُ ابْنِ عَبَّادٍ وَعَلَيْهِمُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ مَعَ بَادِيسَ بْنِ حَبُّوسٍ وَعَسْكَرِ إِدْرِيسَ الْعَلَوِيِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عِنْدَ أَخْبَارِ الْعَلَوِيِّينَ فِيمَا تَقَدَّمَ، إِلَّا أَنَّهُمُ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ إِسْمَاعِيلُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهُ أَبُوهُ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَوَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو عَمْرٍو عَبَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَلُقِّبَ بِالْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ فَضَبَطَ مَا وَلِيَ، وَأَظْهَرَ مَوْتَ الْمُؤَيَّدِ.
هَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي الْفَيَّاضِ فِي الْمُؤَيَّدِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّ الْمُؤَيَّدَ لَمْ يَظْهَرْ خَبَرُهُ مُنْذُ عُدِمَ مِنْ قُرْطُبَةَ عَنْ دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ حَمُّودٍ إِلَيْهَا، وَقَتَلَهُ سُلَيْمَانُ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ