وَاقْتَتَلُوا، (وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ لِمَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الذُّحُولِ) ، فَظَفَرَ ابْنُ مَزْيَدٍ بِهِمْ، وَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ حَسَّانَ وَنَبْهَانَ ابْنَيْ دُبَيْسٍ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبُيُوتِ وَالْأَمْوَالِ، وَلَحِقَ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْهَزِيمَةِ بِالْحُوَيْزَةِ.
وَلَمَّا ظَفِرَ بِهِمْ رَأَى عِنْدَهُمْ مُكَاتَبَاتِ فَخْرِ الْمُلْكِ يَأْمُرُهُمْ بِالْجِدِّ فِي أَمْرِهِ وَيَعِدُهُمُ النُّصْرَةَ، فَعَاتَبَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نُفْرَةٌ، وَدَعَتْ فَخْرَ الْمُلْكِ الضَّرُورَةُ إِلَى تَقْلِيدِ ابْنِ مَزْيَدٍ الْجَزِيرَةَ الدُّبَيْسِيَّةِ، وَاسْتَثْنَى مَوَاضِعَ مِنْهَا: الطَّيِّبَ وَقُرْقُوبَ وَغَيْرَهُمَا، وَبَقِيَ أَبُو الْحَسَنِ هُنَاكَ إِلَى جُمَادَى الْأُولَى.
ثُمَّ إِنَّ مُضَرَ بْنَ دُبَيْسٍ جَمَعَ جَمْعًا، وَكَبَسَ أَبَا الْحَسَنِ لَيْلًا، فَهَرَبَ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، وَاسْتَوْلَى مُضَرُ عَلَى حُلَلِهِ (وَأَمْوَالِهِ، وَكُلِّ مَالِهِ) ، وَلَحِقَ أَبُو الْحَسَنِ بِبَلَدِ النِّيلِ مُنْهَزِمًا.
ذِكْرُ مُلْكِ شَمْسِ الدَّوْلَةِ الرَّيَّ وَعَوْدِهِ عَنْهَا
لَمَّا مَلَكَ شَمْسُ الدَّوْلَةِ بْنُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ وِلَايَةَ بَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ وَأَخَذَ مَا فِي قِلَاعِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ عَظُمَ شَأْنُهُ، وَاتَّسَعَ مُلْكُهُ، فَسَارَ إِلَى الرَّيِّ، وَبِهَا أَخُوهُ مَجْدُ الدَّوْلَةِ، فَرَحَلَ عَنِ الرَّيِّ وَمَعَهُ وَالِدَتُهُ إِلَى دُنْبَاوَنْدَ، وَخَرَجَتْ عَسَاكِرُ الرَّيِّ إِلَى شَمْسِ الدَّوْلَةِ مُذْعِنَةً بِالطَّاعَةِ، وَدَخَلَ الرَّيَّ وَمَلَكَهَا وَخَرَجَ مِنْهَا يَطْلُبُ أَخَاهُ وَوَالِدَتَهُ، فَشَغَبَ الْجُنْدُ عَلَيْهِ، وَزَادَ خَطْبُهُمْ، وَطَالَبُوهُ مُطَالَبَاتٍ اتَّسَعَ الْخَرْقُ بِهَا، فَعَادَ إِلَى هَمَذَانَ وَأَرْسَلَ إِلَى أَخِيهِ وَوَالِدَتِهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْعَوْدِ إِلَى الرَّيِّ، فَعَادَا.