ذِكْرُ قَتْلِ بَدْرِ بْنِ حَسَنَوَيْهِ وَإِطْلَاقِ ابْنِهِ هِلَالٍ وَقَتْلِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ بَدْرُ بْنُ حَسَنَوَيْهِ أَمِيرُ الْجَبَلِ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ سَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ مَسْعُودٍ الْكُرْدِيِّ لِيَمْلِكَ عَلَيْهِ بِلَادَهُ، فَحَصَرَهُ بِحِصْنِ كُوسَحْدَ، فَضَجِرَ أَصْحَابُ بَدْرٍ مِنْهُ لِهُجُومِ الشِّتَاءِ، فَعَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ، فَأَتَاهُ بَعْضُ خَوَاصِّهِ وَعَرَّفَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: فَمَنْ هُمُ الْكِلَابُ حَتَّى يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَأَبْعَدَهُمْ، فَعَادَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، فَقَالَ مِنْ وَرَاءِ الْخَرْكَاةِ: الَّذِي أَعْلَمْتُكَ قَدْ قَوِيَ الْعَزْمُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ.
وَخَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى تَلٍّ، فَثَارُوا بِهِ، فَقَتَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تُسَمَّى الْجُورَقَانَ، وَنَهَبُوا عَسْكَرَهُ، وَتَرَكُوهُ وَسَارُوا. فَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَرَآهُ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ، فَأَمَرَ بِتَجْهِيزِهِ وَحَمْلِهِ إِلَى مَشْهَدِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيُدْفَنَ فِيهِ، فَفُعِلَ ذَلِكَ.
وَكَانَ عَادِلًا، كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ، كَبِيرَ النَّفْسِ، عَظِيمَ الْهِمَّةِ. وَلَمَّا قُتِلَ هَرَبَ الْجُورَقَانُ إِلَى شَمْسِ الدَّوْلَةِ أَبِي طَاهِرِ بْنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، فَدَخَلُوا فِي طَاعَتِهِ.
وَكَانَ طَاهِرُ بْنُ هِلَالِ بْنِ بَدْرٍ هَارِبًا مِنْ جَدِّهِ بِنَوَاحِي شَهْرَزُورَ، فَلَمَّا عَرَفَ بِقَتْلِهِ بَادَرَ يَطْلُبُ مُلْكَهُ، فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَمْسِ الدَّوْلَةِ حَرْبٌ، فَأُسِرَ طَاهِرٌ وَحُبِسَ وَأُخِذَ مَا كَانَ قَدْ جَمَعَهُ بَعْدَ (أَنْ مَلَكَ نَائِبًا مِنْ أَبِيهِ) هِلَالٍ، وَكَانَ عَظِيمًا، وَحَمَلَهُ إِلَى هَمَذَانَ، وَسَارَ اللُّرِيَّةُ وَالشَّاذِنْجَانَ إِلَى أَبِي الشَّوْكِ فَدَخَلُوا فِي طَاعَتِهِ.
وَحِينَ قُتِلَ كَانَ ابْنُهُ هِلَالٌ مَحْبُوسًا عِنْدَ الْمَلِكِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَلَمَّا قُتِلَ بَدْرٌ اسْتَوْلَى شَمْسُ الدَّوْلَةِ بْنُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ عَلَى بَعْضِ بِلَادِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ