عِنْدَ أَبِيهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ عُمْرُهُ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا، وَمُلْكُهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلِيَ الْمُلْكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ، وَسَارَ مِنْ أَرَّجَانَ إِلَى شِيرَازَ، وَوَلَّى أَخَاهُ جَلَالَ الدَّوْلَةِ أَبَا طَاهِرِ بْنَ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ الْبَصْرَةَ، وَأَخَاهُ أَبَا الْفَوَارِسِ كِرْمَانَ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ سُلَيْمَانَ الْأَنْدَلُسَ، الدَّوْلَةُ الثَّانِيَةُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّاصِرُ الْأُمَوِيُّ، وَلُقِّبَ الْمُسْتَعِينَ، وَهَذِهِ غُبْرُ وِلَايَتِهِ، مُنْتَصَفُ شَوَّالٍ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ وَخَرَجَ أَهْلُ قُرْطُبَةَ إِلَيْهِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَأَنْشَدَ مُتَمَثِّلًا:
إِذَا مَا رَأَوْنِي طَالِعًا مِنْ ثَنِيِّةٍ ... يَقُولُونَ مَنْ هَذَا، وَقَدْ عَرَفُونِي
يَقُولُونَ لِي أَهْلًا وَسَهْلًا وَمَرْحَبًا ... وَلَوْ ظَفِرُوا بِي سَاعَةً قَتَلُونِي
وَكَانَ سُلَيْمَانُ أَدِيبًا شَاعِرًا بَلِيغًا، وَأُرِيقَ فِي أَيَّامِهِ دِمَاءٌ كَثِيرَةٌ لَا تُحَدُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَكَانَ الْبَرْبَرُ هُمُ الْحَاكِمِينَ فِي دَوْلَتِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى خِلَافِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَامَّةَ جُنْدِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ قَامُوا مَعَهُ حَتَّى مَلَّكُوهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيِّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.