ذِكْرُ مُحَاصَرَةِ يَمِينِ الدَّوْلَةِ سِجِسْتَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى سِجِسْتَانَ، وَصَاحِبُهَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، فَحَصَرَهُ بِهَا.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَ الدَّوْلَةِ لَمَّا اشْتَغَلَ بِالْحُرُوبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سَيَّرَ خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنَهُ طَاهِرًا إِلَى قُهُسْتَانَ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى بُوشَنْجَ فَمَلَكَهَا، وَكَانَتْ هِيَ وَهَرَاةُ لِبَغْرَاجِقَ، عَمِّ يَمِينِ الدَّوْلَةِ، (فَلَمَّا فَرَغَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ) مِنْ تِلْكَ الْحُرُوبِ اسْتَأْذَنَهُ عَمُّهُ فِي إِخْرَاجِ طَاهِرِ بْنِ خَلَفٍ مِنْ وِلَايَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَقِيَهُ طَاهِرٌ بِنَوَاحِي بُوشَنْجَ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ طَاهِرٌ وَلَجَّ بَغْرَاجِقُ فِي طَلَبِهِ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَقَتَلَهُ وَنَزَلَ إِلَيْهِ وَأَخَذَ رَأْسَهُ.
فَلَمَّا سَمِعَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ بِقَتْلِ عَمِّهِ عَظُمَ عَلَيْهِ، وَكَبُرَ لَدَيْهِ، وَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ نَحْوَ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ خَلَفٌ بِحِصْنِ أَصْبَهْبَذَ، وَهُوَ حِصْنٌ يُنَاطِحُ النُّجُومَ عُلُوًّا وَارْتِفَاعًا، فَحَصَرَهُ فِيهِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَذَلَّ وَخَضَعَ، وَبَذَلَ أَمْوَالًا جَلِيلَةً لِيُنَفِّسَ عَنْ خُنَاقِهِ، فَأَجَابَهُ يَمِينُ الدَّوْلَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَأَخَذَ رَهْنَهُ عَلَى الْمَالِ.
ذِكْرُ قَتْلِ ابْنِ بَخْتِيَارَ بِكَرْمَانَ وَاسْتِيلَاءِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، قُتِلَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرِ بْنُ بَخْتِيَارَ، الَّذِي كَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ فَارِسَ.
وَسَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ لَمَّا انْهَزَمَ مِنْ عَسْكَرِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بِشِيرَازَ سَارَ إِلَى بِلَادِ الدَّيْلَمِ، وَكَاتَبَ الدَّيْلَمَ بِفَارِسَ وَكَرْمَانَ مِنْ هُنَاكَ يَسْتَمِيلُهُمْ، وَكَاتَبُوهُ وَاسْتَدْعَوْهُ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الزُّطِّ، وَالدَّيْلَمِ، وَالْأَتْرَاكِ، وَتَرَدَّدَ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي.
ثُمَّ سَارَ إِلَى كَرْمَانَ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ الدَّيْلَمُ الَّذِينَ بِهَا، وَكَانَ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِمْ أَبُو