بِالْحَاكِمِ، وَهُوَ الْمُتَوَلِّي لِبِلَادِ بَرْقَةَ، فَوَصَلَ يَأْنَسُ وَتَسَلَّمَ طَرَابُلُسَ وَأَقَامَ بِهَا، وَذَلِكَ سَنَةَ تِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
فَأَرْسَلَ بَادِيسُ إِلَى يَأْنَسَ يَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ وُصُولِهِ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ الْحَاكِمُ اسْتَعْمَلَكَ عَلَيْهَا فَأَرْسِلِ الْعَهْدَ لِأَقِفَ عَلَيْهِ. فَقَالَ يَأْنَسُ: إِنَّمَا أَرْسَلَنِي مُعِينًا وَنَجْدَةً إِنِ احْتِيجَ إِلَيَّ، مِثْلِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ عَهْدٌ بِوِلَايَةٍ لِمَحَلِّي مِنْ دَوْلَةِ الْحَاكِمِ. فَسَيَّرَ إِلَيْهِ جَيْشًا، فَلَقِيَهُمْ يَأْنَسُ خَارِجَ طَرَابُلُسَ فَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَدَخَلُوا طَرَابُلُسَ فَتَحَصَّنُوا بِهَا.
وَكَانَ قَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ كَثِيرٌ، وَنَزَلَ عَلَيْهِمُ الْجَيْشُ وَحَصَرَهُمْ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْحَاكِمِ يَسْتَمِدُّونَهُ، فَجَهَّزَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْدَلُسِيُّ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى طَرَابُلُسَ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ مَالًا عَلَى بَرْقَةَ، فَلَمْ يَجِدْ يَحْيَى فِيهَا مَالًا، فَاخْتَلَّتْ حَالُهُ، فَسَارَ إِلَى فُلْفُلٍ وَكَانَ قَدْ دَخَلَ إِلَى طَرَابُلُسَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، فَأَقَامَ مَعَهُ فِيهَا، وَاسْتَوْطَنَهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَ خَبَرِهِمْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
(وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] سَارَ مَاكْسَنُ بْنُ زِيرِي، عَمُّ أَبِي بَادِيسَ، إِلَى أَشِيرَ، وَبِهَا ابْنُ أَخِيهِ حَمَّادُ بْنُ يُوسُفَ بُلُكِّينَ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا حَرْبٌ شَدِيدَةٌ قُتِلَ فِيهَا مَاكْسَنُ وَأَوْلَادُهُ مُحْسِنٌ، وَبَادِيسُ، وَحَبَّاسَةُ، وَتُوُفِّيَ زِيرِي بْنُ عَطِيَّةَ بَعْدَ قَتْلِ مَاكْسَنَ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ) .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، انْقَضَّ كَوْكَبٌ عَظِيمٌ ضَحْوَةَ نَهَارٍ.
وَفِيهَا عَمِلَ أَهْلُ بَابِ الْبَصْرَةِ يَوْمَ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ زِينَةً عَظِيمَةً وَفَرَحًا كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ عَمِلُوا ثَامِنَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ الشِّيعَةُ فِي عَاشُورَاءَ،