فَوَزَرَ لَهُ، وَدَبَّرَ أَمْرَهُ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْمَسِيرِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ وَمُسَاعَدَتِهِمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَارَ عَلَى كُرْهٍ وَضِيقٍ، فَنَزَلَ بِالْقَنْطَرَةِ الْبَيْضَاءِ، وَثَبَّتَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أُسْتَاذِ هُرْمُزَ وَعَسْكَرُهُ، وَجَرَى لَهُمْ مَعَهُ وَقَائِعُ كَثِيرَةٌ.

وَضَاقَ الْأَمْرُ بِبَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ الْأَقْوَاتُ، فَاسْتَمَدَّ بَدْرَ بْنَ حَسْنُوَيْهِ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ شَيْئًا قَامَ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُهُ، وَأَشْرَفَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ عَلَى الْخَطَرِ، وَسَعَى أَعْدَاءُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهِ حَتَّى كَادَ يَبْطِشُ بِهِ، فَتَجَدَّدَ مِنْ أَمْرِ ابْنَيْ بَخْتِيَارَ وَقَتْلِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ، وَأَتَاهُ الْفَرَجُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبْ، وَصَلُحَ أَمْرُ أَبِي عَلِيٍّ عِنْدَهُ، وَاجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ ذَلِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ قَتْلِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْحِجَّةِ، قُتِلَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنَ الدَّيْلَمِ اسْتَوْحَشُوا مِنْ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِعَرْضِهِمْ، وَإِسْقَاطِ مَنْ لَيْسَ بِصَحِيحِ النَّسَبِ، فَأَسْقَطَ مِنْهُمْ مِقْدَارَ أَلْفِ رَجُلٍ، فَبَقَوْا حَيَارَى لَا يَدْرُونَ مَا يَصْنَعُونَ.

وَاتُّفِقَ أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ وَأَبَا نَصْرٍ ابْنَيْ عِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ كَانَا مَقْبُوضَيْنِ، فَخَدَعَا الْمُوَكَّلِينَ بِهِمَا فِي الْقَلْعَةِ، فَأَفْرَجُوا عَنْهُمَا فَجَمَعَا لَفِيفًا مِنَ الْأَكْرَادِ، وَاتَّصَلَ خَبَرُهُمَا بِالَّذِينِ أُسْقِطُوا مِنَ الدَّيْلَمِ، فَأَتَوْهُمْ، وَقَصَدُوا إِلَى أَرَّجَانَ، فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهَا الْعَسَاكِرُ، وَتَحَيَّرَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُدَبِّرُهُ.

وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أُسْتَاذُ هُرْمُزَ مُقِيمًا بِفَسَا، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ بِتَفْرِيقِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ فِي الرِّجَالِ، وَالْمَسِيرِ إِلَى صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ، وَأَخَذَهُ إِلَى عَسْكَرِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015