الْفُرْسِ بِبَغْدَاذَ، وَخَدَمَ مُهَذَّبَ الدَّوْلَةِ بِالْبَطِيحَةِ، فَهَمَّ بِالْغَزْوِ، وَجَمَعَ جَمْعًا كَثِيرًا، وَاشْتَرَى السِّلَاحَ وَسَارَ فَاجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِدَقُوقَا، فَوَجَدَ الْمُقَلِّدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَاصِرُهَا، فَاسْتَغَاثَ أَهْلُهَا بِجُبْرَئِيلَ فَحَمَاهُمْ وَمَنَعَ عَنْهُمْ.
وَكَانَ بِدَقُوقَا رَجُلَانِ نَصْرَانِيَّانِ قَدْ تَمَكَّنَا فِي الْبَلَدِ، وَحَكَمَا فِيهِ، وَاسْتَعْبَدَا أَهْلَهُ، فَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى جُبْرَئِيلَ وَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ تُرِيدُ الْغَزْوَ، وَلَسْتَ تَدْرِي أَتَبْلُغُ غَرَضًا أَمْ لَا، وَعِنْدَنَا مِنْ هَذَيْنِ النَّصْرَانِيَّيْنِ مَنْ قَدْ تَعَبَّدَنَا، وَحَكَمَ عَلَيْنَا، فَلَوْ أَقَمْتَ عِنْدَنَا، وَكَفَيْتَنَا أَمْرَهُمَا، سَاعَدْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ. فَأَقَامَ وَقَبَضَ عَلَيْهِمَا، وَأَخَذَ مَالَهُمَا، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، فَمَلَكَ الْبَلَدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَثَبَتَ قَدَمُهُ، وَأَحْسَنَ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَعَدَلَ فِيهِمْ، وَبَقِيَ مُدَّةً عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.
ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُقَلِّدُ، وَمَلَكَهَا بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِنَازٍ، ثُمَّ أَخَذَهَا بَعْدَهُ قِرْوَاشٌ، ثُمَّ انْتَقَلَتْ إِلَى فَخْرِ الدَّوْلَةِ أَبِي غَالِبٍ، فَعَادَ جُبْرَئِيلُ هَذَا حِينَئِذٍ إِلَى دَقُوقَا، وَاجْتَمَعَ مَعَ أَمِيرٍ مِنَ الْأَكْرَادِ يُقَالُ لَهُ مُوصَكُ بْنُ جَكَوَيْهِ، وَدَفَعَا عُمَّالَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ عَنْهَا وَأَخَذَاهَا، فَقَصَدَهَا بَدْرَانُ بْنُ الْمُقَلِّدِ وَغَلَبَهُمَا وَأَخَذَهَا مِنْهُمَا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مَزْيَدٍ عَنْ طَاعَةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ عَسْكَرًا، فَهَرَبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ إِلَى مَكَانٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ فِيهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ وَأَصْلَحَ حَالَهُ مَعَهُ وَعَادَ إِلَى طَاعَتِهِ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْوَفَاءِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَنْدِسِيِّ الْحَاسِبُ.
وَفِيهَا، فِي الْمُحَرَّمِ، تُوُفِّيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ