وَكَانَ خَصِيًّا أَبْيَضَ، وَكَانَ لِأَرْجُوَانَ وَزِيرٌ نَصْرَانِيٌّ اسْمُهُ (فَهْدُ بْنُ) إِبْرَاهِيمَ، فَاسْتَوْزَرَهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ رَتَّبَ الْحُسَيْنَ بْنَ جَوْهَرٍ مَوْضِعَ أَرْجُوَانَ، وَلَقَّبَهُ قَائِدَ الْقُوَّادِ ثُمَّ قَتَلَ الْحَسَنَ بْنَ عَمَّارٍ، الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهُ، ثُمَّ قَتَلَ الْحُسَيْنَ بْنَ جَوْهَرٍ، وَلَمْ يَزَلْ يُقِيمُ الْوَزِيرَ بَعْدَ الْوَزِيرِ وَيَقْتُلُهُمْ. ثُمَّ جَهَّزَ يَارَخْتِكِينَ لِلْمَسِيرِ إِلَى حَلَبَ، وَحَصَرَهَا، وَسَيَّرَ مَعَهُ الْعَسَاكِرَ الْكَثِيرَةَ، فَسَارَ عَنْهَا، فَخَافَهُ حَسَّانُ بْنُ الْمُفَرِّجِ الطَّائِيُّ، فَلَمَّا رَحَلَ مِنْ غَزَّةَ إِلَى عَسْقَلَانَ كَمَنَ لَهُ حَسَّانٌ وَوَالِدُهُ، وَأَوْقَعَا بِهِ وَبِمَنْ مَعَهُ، وَأَسَرَاهُ وَقَتَلَاهُ، وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ قَتْلَى كَثِيرٌ، وَحَصَرَا الرَّمْلَةَ، وَنَهَبَا النَّوَاحِيَ، وَكَثُرَ جَمْعُهُمَا، وَمَلَكَا الرَّمْلَةَ وَمَا وَالَاهَا، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ، وَأَرْسَلَ يُعَاتِبُهُمَا، وَسَبَقَ السَّيْفُ الْعَذَلَ، فَأَرْسَلَا إِلَى الشَّرِيفِ أَبِي الْفُتُوحِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيِّ الْحَسَنِيِّ، أَمِيرِ مَكَّةَ، وَخَاطَبَاهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَطَلَبَاهُ إِلَيْهِمَا لِيُبَايِعَا لَهُ بِالْخِلَافَةِ، فَحَضَرَ، وَاسْتَنَابَ بِمَكَّةَ، وَخُوطِبَ بِالْخِلَافَةِ.

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ رَاسَلَ حَسَّانًا وَأَبَاهُ، وَضَمِنَ لَهُمَا الْأَقْطَاعَ الْكَثِيرَةَ وَالْعَطَاءَ الْجَزِيلَ، وَاسْتَمَالَهُمَا، فَعَدَلَا عَنْ أَبِي الْفُتُوحِ، وَرَدَّاهُ إِلَى مَكَّةَ، وَعَادَا إِلَى طَاعَةِ الْحَاكِمِ.

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ جَهَّزَ عَسْكَرًا إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ فَلَاحٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الرَّمْلَةِ أَزَاحَ حَسَّانَ بْنَ الْمُفَرِّجِ وَعَشِيرَتَهُ عَنْ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَأَخَذَ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الْحُصُونِ بِجَبَلِ الشَّرَّانِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى أَمْوَالِهِ وَذَخَائِرِهِ، وَسَارَ إِلَى دِمَشْقَ وَالِيًا عَلَيْهَا، فَوَصَلَ إِلَيْهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015