وَاتُّفِقَ أَنَّ الدُّوقَسَ، صَاحِبَ الرُّومِ، نَزَلَ عَلَى حِصْنِ أَفَامِيَةَ، فَأَخْرَجَ أَرْجُوَانُ جَيْشَ ابْنِ الصَّمْصَامَةِ فِي عَسْكَرٍ ضَخْمٍ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِالرَّمْلَةِ، فَأَطَاعَهُ وَالِيهَا، وَظَفِرَ فِيهَا بِأَبِي تَمِيمٍ فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَسَيَّرَ عَسْكَرًا إِلَى صُورَ، وَعَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَغَزَاهَا بَرًّا وَبَحْرًا. فَأَرْسَلَ عِلَاقَةُ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ يَسْتَنْجِدُهُ فَسَيَّرَ إِلَيْهِ عِدَّةَ مَرَاكِبَ مَشْحُونَةٍ بِالرِّجَالِ، فَالْتَقَوْا بِمَرَاكِبِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صُورَ فَاقْتَتَلُوا، وَظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمْعٌ، فَلَمَّا انْهَزَمُوا انْخَذَلَ أَهْلُ صُورَ، وَضَعُفَتْ نُفُوسُهُمْ، فَمَلَكَ الْبَلَدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَمْدَانَ، وَنَهَبَهُ، وَأُخِذَتِ الْأَمْوَالُ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْ جُنْدِهِ، وَكَانَ أَوَّلُ فَتْحٍ كَانَ عَلَى يَدِ أَرْجُوَانَ، وَأُخِذَ عِلَاقَةُ أَسِيرًا فَسَيَّرَهُ إِلَى مِصْرَ، فَسُلِخَ وَصُلِبَ بِهَا، وَأَقَامَ بِصُورَ، وَسَارَ جَيْشُ بْنِ الصَّمْصَامَةِ لِقَصْدِ الْمُفَرِّجِ بْنِ دَغْفَلٍ، فَهَرَبَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، (وَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الْعَفْوَ فَأَمَّنَهُ.

وَسَارَ جَيْشٌ أَيْضًا إِلَى عَسْكَرِ الرُّومِ) ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى دِمَشْقَ تَلَقَّاهُ أَهْلُهَا مُذْعِنِينَ، فَأَحْسَنَ إِلَى رُؤَسَاءِ الْأَحْدَاثِ، وَأَطْلَقَ الْمُؤَنَ، وَأَبَاحَ دَمَ كُلِّ مَغْرِبِيٍّ يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِهَا، فَاطْمَأَنُّوا إِلَيْهِ.

وَسَارَ إِلَى أَفَامِيَةَ، فَصَافَّ الرُّومَ عِنْدَهَا، فَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، مَا عَدَا بِشَارَةَ الْإِخْشِيدِيَّ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ. وَنَزَلَ الرُّومُ إِلَى سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ يَغْنَمُونَ مَا فِيهِ، وَالدُّوقَسُ وَاقِفٌ عَلَى رَايَتِهِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَلَدُهُ وَعِدَّةُ غِلْمَانٍ، فَقَصَدَهُ كُرْدِيٌّ يُعْرَفُ بِأَحْمَدَ بْنِ الضَّحَّاكِ، مِنْ أَصْحَابِ بِشَارَةَ، وَمَعَهُ خَشَتٌ، فَظَنَّهُ الدُّوقَسُ مُسْتَأْمَنًا، فَلَمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015