وَعُهُودٍ أَكَّدُوهَا وَأَخَذُوهَا عَلَيْهِ لِأَوْلَادِ بَكْجُورَ وَأَمْوَالِهِمْ، وَلِلْوَزِيرِ الْمَغْرِبِيِّ، وَلِسَلَامَةَ الرَّشِيقِيِّ، وَلِأَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا خَرَجَ أَوْلَادُ بَكْجُورَ) بِأَمْوَالِهِمْ رَأَى سَعْدُ الدَّوْلَةِ مَا مَعَهُمْ، فَاسْتَعْظَمَهُ وَاسْتَكْثَرَهُ.
وَكَانَ عِنْدَهُ الْقَاضِي ابْنُ أَبِي الْحِصْنِ، فَقَالَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ بَكْجُورَ يَمْلِكُ هَذَا جَمِيعَهُ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: لِمَ لَا تَأْخُذُهُ؟ فَهُوَ لَكَ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ وَلَا حِنْثَ. فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا أَخَذَ الْمَالَ جَمِيعَهُ وَقَبَضَ عَلَيْهِمْ، وَهَرَبَ الْوَزِيرُ الْمَغْرِبِيُّ إِلَى مَشْهَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَتَبَ أَوْلَادُ بَكْجُورَ إِلَى الْعَزِيزِ يَسْأَلُونَهُ الشَّفَاعَةَ فِيهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يُشَفِّعُ فِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ إِلَى مِصْرَ وَيَتَهَدَّدُهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ. فَأَهَانَ الرَّسُولَ وَقَالَ لَهُ: قُلْ لِصَاحِبِكَ أَنَا سَائِرٌ إِلَيْكَ. وَسَيَّرَ مُقَدَّمَتَهُ إِلَى حِمْصَ لِيَلْحَقَهُمْ.
ذِكْرُ وَفَاةِ سَعْدِ الدَّوْلَةِبْنِ حَمْدَانَ
فَلَمَّا بَرَزَ سَعْدُ الدَّوْلَةِ لِيَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ لَحِقَهُ قَوْلَنْجُ، فَعَادَ إِلَى حَلَبَ لِيَتَدَاوَى، فَزَالَ مَا بِهِ وَعُوفِيَ، وَعَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى مُعَسْكَرِهِ، وَحَضَرَ عِنْدَ إِحْدَى سَرَارِيهِ فَوَاقَعَهَا فَسَقَطَ عَنْهَا وَقَدْ فُلِجَ وَبَطَلَ نِصْفُهُ، فَاسْتَدْعَى الطَّبِيبَ، فَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي يَدَكَ لِآخُذَ مَجَسَّكَ فَأَعْطَاهُ الْيُسْرَى، فَقَالَ: أَعْطِنِي الْيَمِينَ فَقَالَ: لَا تُرِكَتْ لِيَ الْيَمِينُ يَمِينًا، يَعْنِي نَكْثَهُ بِأَوْلَادِ بَكْجُورَ هُوَ الَّذِي أَهْلَكَهُ، (وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ) ، وَنَدِمَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ تَنْفَعْهُ النَّدَامَةُ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ بَعْدَ أَنْ عَهِدَ إِلَى وَلَدِهِ أَبِي الْفَضَائِلِ، وَوَصَّى إِلَى لُؤْلُؤٍ بِهِ وَبِسَائِرِ أَهْلِهِ.