وَسَارَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى أَرَّجَانَ، وَعَادَ الْأَتْرَاكُ إِلَى شِيرَازَ، فَقَاتَلُوا صَمْصَامَ الدَّوْلَةِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَنَهَبُوا الْبَلَدَ، وَعَادُوا إِلَى أَبِي عَلِيٍّ بِأَرَّجَانَ وَأَقَامُوا مَعَهُ مُدَيْدَةً.
ثُمَّ وَصَلَ رَسُولٌ مِنْ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ وَأَدَّى الرِّسَالَةَ، وَطَيَّبَ قَلْبَهُ وَوَعَدَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ رَاسَلَ الْأَتْرَاكَ سِرًّا، وَاسْتَمَالَهُمْ إِلَى نَفْسِهِ وَأَطْمَعَهُمْ، فَحَسَّنُوا لِأَبِي عَلِيٍّ الْمَسِيرَ إِلَى بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَقِيَهُ بِوَاسِطَ مُنْتَصَفَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَأَنْزَلَهُ وَأَكْرَمَهُ، وَتَرَكَهُ عِدَّةَ أَيَّامٍ، وَقَبَضَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ، وَتَجَهَّزَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ لِلْمَسِيرِ إِلَى الْأَهْوَازِ لِقَصْدِ بِلَادِ فَارِسَ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالدَّيْلَمِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ الْأَتْرَاكِ وَالدَّيْلَمِ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، وَدَامَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَبَهَاءُ الدَّوْلَةِ فِي دَارِهِ يُرَاسِلُهُمْ فِي الصُّلْحِ، فَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُ، وَقُتِلَ بَعْضُ رُسُلِهِ.
ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ إِلَى الْأَتْرَاكِ، وَحَضَرَ الْقِتَالَ مَعَهُمْ، فَاشْتَدَّ حِينَئِذٍ الْأَمْرُ، وَعَظُمَ الشَّرُّ، ثُمَّ إِنَّهُ شَرَعَ فِي الصُّلْحِ، وَرَفَقَ بِالْأَتْرَاكِ، وَرَاسَلَ الدَّيْلَمَ، فَاسْتَقَرَّ الْحَالُ بَيْنَهُمْ، وَحَلَفَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ الْحَرْبِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا.
ثُمَّ إِنَّ الدَّيْلَمَ تَفَرَّقُوا، فَمَضَى فَرِيقٌ بَعْدَ فَرِيقٍ، وَأُخْرِجَ بَعْضُهُمْ، وَقُبِضَ عَلَى الْبَعْضِ، فَضَعُفَ أَمْرُهُمْ، وَقَوِيَتْ شَوْكَةُ الْأَتْرَاكِ، وَاشْتَدَّتْ حَالُهُمْ.
ذِكْرُ مَسِيرِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ إِلَى الْعِرَاقِ وَمَا كَانَ مِنْهُ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ فَخْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ مِنَ الرَّيِّ إِلَى هَمَذَانَ عَازِمًا عَلَى قَصْدِ الْعِرَاقِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا.
وَكَانَ سَبَبُ حَرَكَتِهِ أَنَّ الصَّاحِبَ بْنَ عَبَّادٍ كَانَ يُحِبُّ الْعِرَاقَ لَا سِيَّمَا بَغْدَاذَ، وَيُؤْثِرُ