ذِكْرُ قَتْلِ الْحُسَيْنِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ، صَاحِبُ الْبَطِيحَةِ، قَتَلَهُ أَخُوهُ أَبُو الْفَرَجِ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَطِيحَةِ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ حَسَدَهُ عَلَى وِلَايَتِهِ وَمَحَبَّةِ النَّاسِ لَهُ، فَاتُّفِقَ أَنَّ أُخْتًا لَهُمَا مَرِضَتْ، فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ: إِنَّ أُخْتَنَا مُشْفِيَةً، فَلَوْ عُدْتَهَا فَفَعَلَ وَسَارَ إِلَيْهَا، وَرَتَّبَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الدَّارِ نَفَرًا يُسَاعِدُونَهُ عَلَى قَتْلِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْحُسَيْنُ الدَّارَ تَخَلَّفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَدَخَلَ أَبُو الْفَرَجِ مَعَهُ وَبِيَدِهِ سَيْفُهُ، فَلَمَّا خَلَا بِهِ قَتَلَهُ، وَوَقَعَتِ الصَّيْحَةُ، فَصَعِدَ إِلَى السَّطْحِ وَأَعْلَمَ الْعَسْكَرَ بِقَتْلِهِ، وَوَعَدَهُمُ الْإِحْسَانَ فَسَكَتُوا، وَبَذَلَ لَهُمُ الْمَالَ، فَأَقَرُّوهُ فِي الْأَمْرِ، وَكَتَبَ إِلَى بَغْدَاذَ يُظْهِرُ الطَّاعَةَ، وَيَطْلُبُ تَقْلِيدَهُ الْوِلَايَةَ، وَكَانَ مُتَهَوِّرًا جَاهِلًا.
ذِكْرُ عَوْدِ ابْنِ سِيمْجُورَ إِلَى خُرَاسَانَ
لَمَّا عُزِلَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سِيمْجُورَ عَنْ قِيَادَةِ جُيُوشِ خُرَاسَانَ وَوَلِيَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ سَارَ ابْنُ سِيمْجُورَ إِلَى سِجِسْتَانَ فَأَقَامَ بِهَا، فَلَمَّا انْهَزَمَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ جُرْجَانَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، رَأَى الْفِتْنَةَ قَدْ رَفَعَتْ رَأْسَهَا، سَارَ عَنْ سِجِسْتَانَ نَحْوَ خُرَاسَانَ، وَأَقَامَ بِقُهُسْتَانَ. فَلَمَّا سَارَ أَبُو الْعَبَّاسِ إِلَى بُخَارَى، وَخَلَتْ مِنْهُ خُرَاسَانُ، كَاتَبَ ابْنَ سِيمْجُورُ فَائِقًا يَطْلُبُ مُوَافَقَتَهُ عَلَى الِاسْتِيلَاءِ عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَا بِنَيْسَابُورَ، وَاسْتَوْلَيَا عَلَى تِلْكَ النَّوَاحِي.
وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِي الْعَبَّاسِ فَسَارَ عَنْ بُخَارَى فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ إِلَى مَرْوَ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ تَكُونَ نَيْسَابُورُ وَقِيَادَةُ الْجُيُوشِ لِابْنِ الْعَبَّاسِ، وَتَكُونَ بَلْخَ لِفَائِقٍ، وَتَكُونَ هَرَاةُ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ سِيمْجُورَ، وَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ، وَقَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وِلَايَتَهُ.