وَالرِّجْلَيْنِ عَلَى أَيِّهِمَا دَخَلَ الضَّرَرُ تَعَدَّى إِلَى الْأُخْرَى.
وَنَظَرْنَا فِي سِيَرِ آبَائِنَا فَلَمْ نَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا يَقْتَرِنُ بِالثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ وَالذِّكْرِ الْجَمِيلِ بَيْنَ النَّاسِ وَالْمَصْلَحَةِ الشَّامِلَةِ لِلْجُنْدِ وَالرَّعِيَّةِ إِلَّا اعْتَمَدْنَاهُ، وَلَا فَسَادًا إِلَّا أَعْرَضْنَا عَنْهُ، وَلَمْ يَدْعُنَا إِلَى حُبِّ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ حُبُّ الْآبَاءِ.
وَنَظَرْتُ فِي سِيَرِ أَهْلِ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَأَخَذْنَا مَحْمُودَهَا، وَلَمْ تُنَازِعْنَا أَنْفُسُنَا إِلَى مَا تَمِيلُ إِلَيْهِ أَهْوَاؤُنَا، وَكَتَبْنَا بِذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ أَصْحَابِنَا وَنُوَّابِنَا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ.
فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْعِلْمِ وَتَوَفُّرِ الْعَقْلِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِ النَّفْسِ، وَمَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ اسْتَحَقَّ أَنْ يُضْرَبَ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْعَدْلِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.
وَكَانَ لِكِسْرَى أَوْلَادٌ مُتَأَدِّبُونَ، فَجُعِلَ الْمُلْكُ مِنْ بَعْدِهِ لِابْنِهِ هُرْمُزَ.
وَكَانَ مَوْلِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفِيلِ، وَذَلِكَ لِمُضِيِّ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ، وَفِي هَذَا الْعَامِ كَانَ يَوْمُ ذِي جَبَلَةَ، وَهُوَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الْعَرَبِ الْمَذْكُورَةِ.