إِفْرِيقِيَّةَ) : إِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إِلَيْهِمْ مِنَ السَّبْيِ مِثْلُهُ قَطُّ، وَأَقَامَ يُوسُفُ بُلُكِّينُ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ قَاهِرًا لِأَهْلِهَا، وَأَهْلُ سَبْتَةَ مِنْهُ خَائِفُونَ، وَزَنَاتَةُ هَارِبُونَ فِي الرِّمَالِ إِلَى سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ذِكْرُ حَصْرِ كَسَنْتَةَ وَغَيْرِهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ أَمِيرُ صِقِلِّيَّةَ، وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ، فِي عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُصْلِحِينَ وَالْعُلَمَاءِ، فَنَازَلَ مَدِينَةَ مَسِّينِي فِي رَمَضَانَ، فَهَرَبَ الْعَدُوُّ عَنْهَا، وَعَدَا الْمُسْلِمُونَ إِلَى كَسَنْتَةَ فَحَصَرُوهَا أَيَّامًا، فَسَأَلَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا، وَرَحَلَ عَنْهَا إِلَى قَلْعَةِ جَلُّوا، فَفَعَلَ كَذَلِكَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا، وَأَمَرَ أَخَاهُ الْقَاسِمَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْأُسْطُولِ إِلَى نَاحِيَةِ بَرْبُولَةَ وَيَبُثُّ السَّرَايَا فِي جَمِيعِ قِلَّوْرِيَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ فَغَنِمَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَقَتَلَ وَسَبَى، وَعَادَ هُوَ وَأَخُوهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.
فَلَمَّا كَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ أَمَرَ أَبُو الْقَاسِمِ بِعِمَارَةِ رَمْطَةَ، وَكَانَتْ قَدْ خَرِبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَاوَدَ الْغَزْوَ وَجَمَعَ الْجُيُوشَ، وَسَارَ فَنَازَلَ قَلْعَةَ إِغَاثَةَ، فَطَلَبَ أَهْلُهَا الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُمْ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ الْقَلْعَةَ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَرَحَلَ إِلَى مَدِينَةِ طَارَنْتَ، فَرَأَى أَهْلَهَا قَدْ هَرَبُوا مِنْهَا وَأَغْلَقُوا أَبْوَابَهَا، فَصَعِدَ النَّاسُ السُّورَ، وَفَتَحُوا الْأَبْوَابَ، وَدَخَلَهَا النَّاسُ، فَأَمَرَ الْأَمِيرُ بِهَدْمِهَا فَهُدِمَتْ وَأُحْرِقَتْ، وَأَرْسَلَ السَّرَايَا فَبَلَغُوا أَذَرَنْتَ وَغَيْرَهَا، وَنَزَلَ هُوَ عَلَى مَدِينَةِ عَرْدَلِيَةَ، فَقَاتَلَهَا، فَبَذَلَ أَهْلُهَا لَهُ مَالًا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خُطِبَ لِلْعَزِيزِ الْعَلَوِيِّ بِمَكَّةَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى، بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ جَيْشًا