ثُمَّ إِنَّ الزِّنْجَ اجْتَمَعُوا إِلَى بَرِيمٍ، وَهُوَ رُسْتَاقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صُحَارَ مَرْحَلَتَانِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ أَبُو حَرْبٍ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَقْعَةً أَتَتْ عَلَيْهِمْ قَتْلًا وَأَسْرًا، فَاطْمَأَنَّتِ الْبِلَادُ.
ثُمَّ إِنَّ جِبَالَ عُمَانَ اجْتَمَعَ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَاةِ، وَجَعَلُوا لَهُمْ أَمِيرًا اسْمُهُ وَرْدُ بْنُ زِيَادٍ، وَجَعَلُوا لَهُمْ خَلِيفَةً اسْمُهُ حَفْصُ بْنُ رَاشِدٍ، فَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ، فَسَيَّرَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ الْمُطَهِّرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا، فَبَلَغَ إِلَى نَوَاحِي حَرْفَانَ مِنْ أَعْمَالِ عُمَانَ، فَأَوْقَعَ بِأَهْلِهَا، وَأَثْخَنَ فِيهِمْ، وَأَسَرَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى دَمَا وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ صُحَارَ، فَقَاتَلَ مَنْ بِهَا، وَأَوْقَعَ بِهِمْ وَقْعَةً عَظِيمَةً فِيهَا وَأَسَرَ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ، وَانْهَزَمَ أَمِيرُهُمْ وَرْدٌ، وَإِمَامُهُمْ حَفْصٌ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُطَهِّرُ إِلَى نَزْوَى وَهِيَ قَصَبَةُ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَانْهَزَمُوا مِنْهُ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمُ الْعَسَاكِرَ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ وَقْعَةً أَتَتْ عَلَى بَاقِيهِمْ، وَقُتِلَ وَرْدٌ، وَانْهَزَمَ حَفْصٌ إِلَى الْيَمَنِ، فَصَارَ مُعَلِّمًا، وَسَارَ الْمُطَهِّرُ إِلَى مَكَانٍ يُعْرَفُ بِالشَّرَفِ بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ، نَحْوُ عَشَرَةِ آلَافٍ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ، وَاسْتَقَامَتِ الْبِلَادُ، وَدَانَتْ بِالطَّاعَةِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مُخَالِفٌ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا خُطِبَ لِلْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ، صَاحِبِ مِصْرَ، بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فِي الْمَوْسِمِ.
وَفِيهَا خَرَجَ بَنُو هِلَالٍ وَجَمْعٌ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى الْحَاجِّ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَضَاقَ الْوَقْتُ، فَبَطَلَ الْحَجُّ، وَلَمْ يَسْلَمْ إِلَّا مَنْ مَضَى مَعَ الشَّرِيفِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوسَوِيِّ، وَالِدِ الرَّضِيِّ، عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، فَتَمَّ حَجُّهُمْ.
وَفِيهَا كَانَتْ بِوَاسِطَ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ فِي ذِي الْحِجَّةِ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي يَزْدَادَ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِغُلَامِ الْخَلَّالِ وَعُمْرُهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ سَنَةً.