الْكَرْخُ حَرِيقًا ثَانِيًا، وَظَهَرَتِ السُّنَّةُ عَلَيْهِمْ.
ذِكْرُ خَلْعِ الْمُطِيعِ وَخِلَافَةِ الطَّائِعِ لِلَّهِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، مُنْتَصَفَ ذِي الْقَعْدَةِ، خُلِعَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ، وَكَانَ بِهِ مَرَضُ الْفَالِجِ، وَقَدْ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَتَعَذَّرَتِ الْحَرَكَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَسْتَرُ ذَلِكَ، فَانْكَشَفَ حَالُهُ لِسُبُكْتِكِينَ هَذِهِ الدَّفْعَةَ، فَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْخِلَافَةِ وَيُسَلِّمَهَا إِلَى وَالِدِهِ الطَّائِعِ لِلَّهِ، وَاسْمُهُ أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْكَرِيمِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَلْعِ ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ. وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ غَيْرَ أَيَّامٍ، وَبُويِعَ لِلطَّائِعِ لِلَّهِ بِالْخِلَافَةِ، وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُعِزِّ لِدِينِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ وَالْقَرَامِطَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْقَرَامِطَةُ، وَمُقَدَّمُهُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، مِنَ الْأَحْسَاءِ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ فَحَصَرَهَا، وَلَمَّا سَمِعَ الْمُعِزُّ لِدِينِ اللَّهِ صَاحِبُ مِصْرَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ قَصْدَ مِصْرَ كَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا يَذْكُرُ فِيهِ فَضْلَ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَنَّ الدَّعْوَةَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّ الْقَرَامِطَةَ إِنَّمَا كَانَتْ دَعْوَتُهُمْ إِلَيْهِ، وَإِلَى آبَائِهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَوَعَظَهُ وَبَالَغَ، وَتَهَدَّدَهُ، وَسَيَّرَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ.
فَكَتَبَ جَوَابَهُ: وَصَلَ كِتَابُكَ الَّذِي قَلَّ تَحْصِيلُهُ وَكَثُرَ تَفْضِيلُهُ، وَنَحْنُ سَائِرُونَ إِلَيْكَ عَلَى أَثَرِهِ، وَالسَّلَامُ.
وَسَارَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مِصْرَ، فَنَزَلَ عَلَى عَيْنِ شَمْسٍ بِعَسْكَرِهِ، وَأَنْشَبَ الْقِتَالَ، وَبَثَّ