357 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
ذِكْرُ عِصْيَانِ حُبْشِيِّ بْنِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَلَى بَخْتِيَارَ بِالْبَصْرَةِ وَأَخْذِهِ قَهْرًا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَصَى حُبْشِيُّ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ عَلَى أَخِيهِ بَخْتِيَارَ، وَكَانَ بِالْبَصْرَةِ (لَمَّا مَاتَ وَالِدُهُ، فَحَسَّنَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الِاسْتِبْدَادَ بِالْبَصْرَةِ) ، وَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ أَخَاهُ بَخْتِيَارَ لَا (يَقْدِرُ عَلَى قَصْدِهِ) ، فَشَرَعَ فِي ذَلِكَ، فَانْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى أَخِيهِ، فَسَيَّرَ وَزِيرَهُ أَبَا الْفَضْلِ الْعَبَّاسَ بْنَ الْحُسَيْنِ إِلَيْهِ، وَأَمَرَهُ بِأَخْذِهِ كَيْفَ أَمْكَنَ، فَأَظْهَرَ الْوَزِيرُ أَنَّهُ يُرِيدُ الِانْحِدَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ.
وَلَمَّا بَلَغَ وَاسِطَ أَقَامَ بِهَا لِيُصْلِحَ أَمْرَهَا، وَكَتَبَ إِلَى حُبْشِيٍّ يَعِدُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ الْبَصْرَةَ سِلْمًا، وَيُصَالِحُهُ عَلَيْهَا، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّنِي قَدْ لَزِمَنِي مَالٌ عَلَى الْوِزَارَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُسَاعَدَتِي، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ حُبْشِيٌّ مِائَتَيْ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَيَقَّنَ حُصُولَ الْبَصْرَةِ لَهُ، وَأَرْسَلَ الْوَزِيرُ إِلَى عَسْكَرِ الْأَهْوَازِ يَأْمُرُهُمْ بِقَصْدِ الْأُبُلَّةِ فِي يَوْمٍ ذَكَرَهُ لَهُمْ، (وَسَارَ هُوَ مِنْ وَاسِطَ نَحْوَ الْبَصْرَةِ، فَوَصَلَهَا هُوَ وَعَسْكَرُ الْأَهْوَازِ لِمِيعَادِهِمْ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ حُبْشِيٌّ مِنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَظَفِرُوا بِهِ وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا وَحَبَسُوهُ بِرَامَهُرْمُزَ، فَأَرْسَلَ عَمُّهُ رُكْنُ الدَّوْلَةِ وَخَلَّصَهُ، فَسَارَ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَأَقْطَعَهُ إِقْطَاعًا وَافِرًا، وَأَقَامَ عِنْدَهُ رُكْنٌ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَأَخَذَ الْوَزِيرُ مِنْ أَمْوَالِهِ بِالْبَصْرَةِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أَخَذَ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مُجَلَّدًا سِوَى الْأَجْزَاءِ وَالْمُسَرَّسِ وَمَا لَيْسَ لَهُ جِلْدٌ.