هَذِهِ الْحَوَادِثِ فِي سَنَتِهِ، لَكِنَّنَا جَمَعْنَاهُ لِقِلَّتِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنْسَى أَوَّلُهُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِهِ.
ذِكْرُ طَاعَةِ أَهْلِ عُمَانَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ
وَفِيهَا سَيَّرَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَسْكَرًا إِلَى عُمَانَ، فَلَقَوْا أَمِيرَهَا، وَهُوَ نَافِعٌ مَوْلَى يُوسُفَ بْنِ وَجِيهٍ، وَكَانَ يُوسُفُ قَدْ هَلَكَ، وَمَلَكَ نَافِعٌ الْبَلَدَ بَعْدَهُ، وَكَانَ أَسْوَدَ، فَدَخَلَ نَافِعٌ فِي طَاعَةِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَخَطَبَ لَهُ، وَضَرَبَ لَهُ اسْمَهُ عَلَى الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، فَلَمَّا عَادَ الْعَسْكَرُ عَنْهُ وَثَبَ بِهِ أَهْلُ عُمَانَ فَأَخْرَجُوهُ عَنْهُمْ، وَأَدْخَلُوا الْقَرَامِطَةَ الْهَجَرِيِّينَ إِلَيْهِمْ، وَتَسَلَّمُوا الْبَلَدَ، فَكَانُوا يُقِيمُونَ فِيهِ نَهَارًا وَيَخْرُجُونَ لَيْلًا إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، وَكَتَبُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ بِهَجَرَ يُعَرِّفُونَهُمُ الْخَبَرَ لِيَأْمُرُوهُمْ بِمَا يَفْعَلُونَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ رَابِعَ عَشَرَ صَفَرَ انْخَسَفَ الْقَمَرُ جَمِيعُهُ.
وَفِيهَا نَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التُّرْكِ عَلَى بِلَادِ الْخَزَرِ، فَانْتَصَرَ الْخَزَرُ بِأَهْلِ خُوَارَزْمَ فَلَمْ يُنْجِدُوهُمْ وَقَالُوا: أَنْتُمْ كُفَّارٌ، فَإِنْ أَسْلَمْتُمْ نَصَرْنَاكُمْ، فَأَسْلَمُوا إِلَّا مِلْكَهُمْ، فَنَصَرَهُمْ أَهْلُ خُوَارَزْمَ وَأَزَالُوا التُّرْكَ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمَ مَلِكُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا، رَابِعُ جُمَادَى الْآخِرَةِ، تَقَلَّدَ الشَّرِيفُ أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُوسَى وَالِدُ الرَّضِيِّ وَالْمُرْتَضَى نِقَابَةَ الْعَلَوِيِّينَ، (وَإِمَارَةَ الْحَاجِّ) ، وَكُتِبَ لَهُ مَنْشُورٌ مِنْ دِيوَانِ الْخَلِيفَةِ.
وَفِيهَا أَنْفَذَ الْقَرَامِطَةُ سَرِيَّةً إِلَى عُمَانَ، وَالشُّرَاةُ فِي جِبَالِهَا (كَثِيرٌ فَاجْتَمَعُوا) ، فَأَوْقَعُوا بِالْقَرَامِطَةِ فَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَعَادَ الْبَاقُونَ.
وَفِيهَا ثَارَ إِنْسَانٌ مِنَ الْقَرَامِطَةِ الَّذِينَ اسْتَأْمَنُوا إِلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَاسْمُهُ مَرْوَانُ وَكَانَ يَتَقَلَّدُ السَّوَاحِلَ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ ثَارَ بِحِمْصَ فَمَلَكَهَا وَمَلَكَ غَيْرَهَا، فَخَرَجَ