فَلَمَّا سَمِعَ الرُّومُ بِمَا فَعَلَ، جَمَعُوا وَسَارُوا إِلَى مَيَّافَارِقِينَ، وَأَحْرَقُوا سَوَادَهَا وَنَهَبُوهُ، وَخَرَّبُوا وَسَبَوْا أَهْلَهُ، وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمْ وَعَادُوا.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِأَصْبَهَانَ بَيْنَ أَهْلِهَا وَبَيْنَ أَهْلِ قُمَّ بِسَبَبِ الْمَذَاهِبِ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّهُ قِيلَ عَنْ رَجُلٍ قُمِّيٍّ إِنَّهُ سَبَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ شِحْنَةِ أَصْبَهَانَ، فَثَارَ أَهْلُهَا، وَاسْتَغَاثُوا بِأَهْلِ السَّوَادِ، فَاجْتَمَعُوا فِي خَلْقٍ لَا يُحْصَوْنَ كَثْرَةً، وَحَضَرُوا دَارَ الشِّحْنَةِ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتْلَى، وَنَهَبَ أَهْلُ أَصْبَهَانَ أَمْوَالَ التُّجَّارِ مَنْ أَهْلِ قُمَّ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ رُكْنَ الدَّوْلَةِ، فَغَضِبَ لِذَلِكَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَطَرَحَ عَلَى أَهْلِهَا مَالًا كَثِيرًا.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ، غُلَامُ ثَعْلَبٍ، فِي ذِي الْقِعْدَةِ.
وَفِيهَا كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ بِهَمَذَانَ، وَأَسْتَرَابَاذَ وَنَوَاحِيهَا، وَكَانَتْ عَظِيمَةً أَهْلَكَتْ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَانْشَقَّتْ مِنْهَا حِيطَانُ قَصْرِ شِيرِينَ مِنْ صَاعِقَةٍ.
وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، سَارَ الرُّومُ فِي الْبَحْرِ، فَأَوْقَعُوا بِأَهْلِ طَرَسُوسَ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَلْفًا وَثَمَانَمِائَةِ رَجُلٍ، وَأَحْرَقُوا الْقُرَى الَّتِي حَوْلَهَا.
وَفِيهَا سَارَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ صَاحِبُ صِقِلِّيَةَ عَلَى أُسْطُولٍ كَثِيرٍ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ.