وَقُبِضَ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ الشِّيرَازِيِّ كَاتِبِ الْمُسْتَكْفِي، وَأُخِذَتْ عَلَمُ الْقَهْرَمَانَةُ فَقُطِعَ لِسَانُهَا.
وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَةِ الْمُسْتَكْفِي سَنَةً وَاحِدَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا زَالَ مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ مَعَ تُوزُونَ وَابْنِ شَيْرَزَادَ، وَلَمَّا بُويِعَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ، سُلِّمَ إِلَيْهِ الْمُسْتَكْفِي، فَسَمَلَهُ وَأَعْمَاهُ، وَبَقِيَ مَحْبُوسًا إِلَى أَنْ مَاتَ (فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ ثَالِثَ عَشَرَ صَفَرٍ سَنَةَ) سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأُمُّهُ أَمُّ وَلَدٍ اسْمُهَا غُصْنٌ.
وَكَانَ أَبْيَضَ، حَسَنَ الْوَجْهِ، قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ.
ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ
لَمَّا وَلِيَ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ الْخِلَافَةَ، خَافَهُ الْمُطِيعُ، وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْفَضْلُ بْنُ الْمُقْتَدِرِ ; لِأَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ الْخِلَافَةَ، وَهُوَ يَسْعَى فِيهَا، فَلَمَّا وَلِيَ الْمُسْتَكْفِي (خَافَهُ وَاسْتَتَرَ مِنْهُ، فَطَلَبَهُ الْمُسْتَكْفِي) أَشَدَّ الطَّلَبِ، فَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بَغْدَاذَ، قِيلَ: إِنَّ الْمُطِيعَ انْتَقَلَ إِلَيْهِ، وَاسْتَتَرَ عِنْدَهُ، وَأَغْرَاهُ بِالْمُسْتَكْفِي حَتَّى قَبَضَ عَلَيْهِ وَسَمَلَهُ، فَلَمَّا قُبِضَ الْمُسْتَكْفِي، بُويِعَ لِلْمُطِيعِ لِلَّهِ بِالْخِلَافَةِ يَوْمَ الْخَمِيسَ ثَانِي عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، وَلُقِّبَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ، وَأَحْضَرَ الْمُسْتَكْفِيَ عِنْدَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَلْعِ.