وَفِيهَا كَاتَبَ ابْنُ الدَّيْرَانِيِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَرْمَنِ، وَهُمْ بِأَطْرَافِ أَرْمِينِيَّةَ الرُّومَ، (وَحَثُّوهُمْ عَلَى قَصْدِ) بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَوَعَدَهُمُ النُّصْرَةَ، فَسَارَتِ الرُّومُ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ، فَخَرَّبُوا بَزْكَرَى وَبِلَادَ خِلَاطَ وَمَا جَاوَرَهَا، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَأَسَرُوا كَثِيرًا (مِنْهُمْ، فَبَلَغَ خَبَرُهُمْ مُفْلِحًا) غُلَامَ يُوسُفَ بْنِ أَبِي السَّاجِ، وَهُوَ وَالِي أَذْرَبِيجَانَ، فَسَارَ فِي عَسْكَرٍ كَبِيرٍ، وَتَبِعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، فَوَصَلَهَا فِي رَمَضَانَ، وَقَصَدَ بَلَدَ ابْنِ الدَّيْرَانِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ لِحَرْبِهِ، وَقَتَلَ أَهْلَهُ، وَنَهَبَ أَمْوَالَهُمْ، وَتَحَصَّنَ ابْنُ الدَّيْرَانِيِّ (بِقَلْعَةٍ لَهُ) ، وَبَالَغَ النَّاسُ فِي كَثْرَةِ الْقَتْلَى مِنَ الْأَرْمَنِ، وَحَتَّى قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفِ قَتِيلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَارَتْ عَسَاكِرُ الرُّومِ إِلَى سُمَيْسَاطَ فَحَصَرُوهَا، فَاسْتَصْرَخَ أَهْلُهَا بِسَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ، وَكَانَ الْمُقْتَدِرُ قَدْ وَلَّاهُ الْمَوْصِلَ وَدِيَارَ رَبِيعَةَ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ غَزْوَ الرُّومِ، وَأَنْ يَسْتَنْقِذَ مَلَطْيَةَ مِنْهُمْ، وَكَانَ أَهْلُهَا قَدْ ضَعُفُوا، فَصَالَحُوا الرُّومَ، وَسَلَّمُوا مَفَاتِيحَ الْبَلَدِ إِلَيْهِمْ، فَحَكَمُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، (فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ أَهْلِ سُمَيْسَاطَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ تَجَهَّزَ وَسَارَ إِلَيْهِمْ مُسْرِعًا، فَوَصَلَ وَقَدْ كَانَ الرُّومُ يَفْتَحُونَهَا، فَلَمَّا قَارَبَهُمْ هَرَبُوا مِنْهُ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى مَلَطْيَةَ وَبِهَا جَمْعٌ مِنَ الرُّومِ وَمِنْ عَسْكَرِ مَلِيحٍ الْأَرْمَنِيِّ وَمَعَهُ بُنِّيُّ بْنُ نَفِيسٍ، صَاحِبُ