ذِكْرُ خُرُوجِ أَبِي زَكَرِيَّاءَ وَإِخْوَتِهِ بِخُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ يَحْيَى، وَأَبُو صَالِحٍ مَنْصُورٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ، أَوْلَادُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّامَانِيِّ، عَلَى أَخِيهِمُ السَّعِيدِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ [وَثَلَاثَمِائَةٍ] وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَخَاهُمْ نَصْرًا كَانَ قَدْ حَبَسَهُمْ فِي الْقَهَنْدَزِ بِبُخَارَى، وَوَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ، فَتَخَلَّصُوا مِنْهُ، وَكَانَ سَبَبُ خَلَاصِهِمْ أَنَّ رَجُلًا يُعْرَفُ بِأَبِي بَكْرٍ الْخَبَّازِ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ يَقُولُ إِذَا جَرَى ذِكْرُ السَّعِيدِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ: إِنَّ لَهُ مِنِّي يَوْمًا طَوِيلَ الْبَلَاءِ وَالْعَنَاءِ، فَكَانَ النَّاسُ يَضْحَكُونَ مِنْهُ، فَخَرَجَ السَّعِيدُ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَاسْتَخْلَفَ بِبُخَارَى أَبَا الْعَبَّاسِ الْكَوْسَجَ، وَكَانَتْ وَظِيفَةُ إِخْوَتِهِ تُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي بَكْرٍ الْخَبَّازِ وَهُمْ فِي السَّجْنِ، فَسَعَى لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ لِيُخْرِجُوهُمْ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، وَأَعْلَمَهُمْ مَا سَعَى لَهُمْ فِيهِ.
فَلَمَّا سَارَ السَّعِيدُ عَنْ بُخَارَى تَوَاعَدَ هَؤُلَاءِ لِلِاجْتِمَاعِ بِبَابِ الْقَهَنْدَزِ يَوْمَ جُمْعَةٍ، وَكَانَ الرَّسْمُ أَنْ لَا يُفْتَحَ بَابُ الْقَهَنْدَزِ أَيَّامَ الْجُمَعِ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَلَمَّا كَانَ الْخَمِيسُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْخَبَّازُ إِلَى الْقَهَنْدَزِ قَبْلَ الْجُمْعَةِ الَّتِي اتَّعَدُوا الِاجْتِمَاعَ فِيهَا بِيَوْمٍ، فَبَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، وَهُوَ الْجُمْعَةُ، جَاءَ الْخَبَّازُ إِلَى بَابَ الْقَهَنْدَزِ، وَأَظْهَرَ لِلْبَوَّابِ زُهْدًا وَدِينًا، وَأَعْطَاهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِيَفْتَحَ لَهُ الْبَابَ لِيُخْرِجَهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ، فَفَتَحَ لَهُ (الْبَابَ، فَصَاحَ أَبُو بَكْرٍ الْخَبَّازُ بِمَنْ وَافَقَهُمْ عَلَى إِخْرَاجِهِمْ، وَكَانُوا عَلَى الْبَابِ) ، فَأَجَابُوهُ، وَقَبَضُوا عَلَى الْبَوَّابِ، وَدَخَلُوا وَأَخْرَجُوا يَحْيَى، وَمَنْصُورًا، وَإِبْرَاهِيمَ بَنِي أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْحَبْسِ مَعَ