بِاللَّهِ بَالَغْدَ (إِلَى دِمَشْقَ يَسْتَدْعِي عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، وَكَانَ بِهَا. وَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ) أَبَا الْقَاسِمِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَلْوَذَانِيَّ بِالنِّيَابَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى إِلَى أَنْ يَحْضُرَ، فَسَارَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى إِلَى بَغْدَاذَ، فَقَدِمَهَا أَوَائِلَ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، وَاشْتَغَلَ بِأُمُورِ الْوِزَارَةِ، وَلَازَمَ النَّظَرَ فِيهَا، فَمَشَتِ الْأُمُورُ، وَاسْتَقَامَتِ الْأَحْوَالُ.

وَكَانَ مِنْ أَقْوَمِ الْأَسْبَابِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْخَصِيبِيَّ (كَانَ قَدْ) اجْتَمَعَ عِنْدَهُ رِقَاعُ الْمُصَادَرِينَ، وَكَفَالَاتُ مَنْ كُفِلَ مِنْهُمْ، وَضَمَانَاتُ الْعُمَّالِ بِمَا ضَمِنُوا مِنَ الْمَالِ بِالسَّوَادِ، وَالْأَهْوَازِ، وَفَارِسَ، وَالْمَغْرِبِ، فَنَظَرَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَأَرْسَلَ فِي طَلَبِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ، فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَأَدَّى الْأَرْزَاقَ، وَأَخْرَجَ الْعَطَاءَ، وَأَسْقَطَ مِنَ الْجُنْدِ مَنْ لَا يَحْمِلُ السِّلَاحَ، وَمِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزَقَةِ مَنْ هُوَ فِي الْمَهْدِ، فَإِنَّ آبَاءَهُمْ أَثْبَتُوا أَسْمَاءَهُمْ، وَمِنْ أَرْزَاقِ الْمُغَنِّينَ، وَالْمَسَاخِرَةِ، وَالنُّدَمَاءِ، وَالصَّفَاعِنَةِ، وَغَيْرِهِمْ، مِثْلَ الشَّيْخِ الْهَرِمِ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ سِلَاحٌ، فَإِنَّهُ أَسْقَطَهُمْ، وَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَاسْتَعْمَلَ الْعُمَّالَ فِي الْوِلَايَاتِ، وَاخْتَارَ الْكُفَاةَ.

وَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ بِمُنَاظَرَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْخَصِيبِيِّ، فَأَحْضَرَهُ، وَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَالْقُضَاةَ وَالْكُتَّابَ وَغَيْرَهُمْ، وَكَانَ عَلِيٌّ وَقُورًا لَا يَسْفَهُ، فَسَأَلَهُ عَمَّا صَحَّ مِنَ الْأَمْوَالِ مِنَ الْخَرَاجِ، وَالنَّوَاحِي، وَالْأَصْقَاعِ وَالْمُصَادَرَاتِ وَالْمُتَكَلِّفِينَ بِهَا، وَمِنَ الْبَوَاقِي الْقَدِيمَةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُهُ.

وَسَأَلَهُ عَنِ الْإِخْرَاجَاتِ، وَالْوَاصِلِ إِلَى الْمَخْزَنِ، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ، وَقَالَ لَهُ: لِمَ أَحْضَرْتَ يُوسُفَ بْنَ أَبِي السَّاجِ، وَسَلَّمْتَ إِلَيْهِ أَعْمَالَ الْمَشْرِقِ، سِوَى أَصْبَهَانَ، وَكَيْفَ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَقْدِرُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُمْ قَدْ أَلِفُوا الْبِلَادَ الْبَارِدَةَ الْكَثِيرَةَ الْمِيَاهِ، عَلَى سُلُوكِ الْبَرِّيَّةِ الْقَفْرَاءِ، وَالصَّبْرِ عَلَى حَرِّ بِلَادِ الْإِحْسَاءِ وَالْقَطِيفِ، وَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ مَعَهُ مُنْفِقًا يُخْرِجُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015