ذِكْرُ وِزَارَةِ أَبِي الْقَاسِمِ الْخَاقَانِيِّ
وَلَمَّا تَغَيَّرَ حَالُ ابْنِ الْفُرَاتِ سَعَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْخَاقَانِيُّ فِي الْوِزَارَةِ، وَكَتَبَ خَطَّهُ أَنَّهُ يَتَكَفَّلُ ابْنَ الْفُرَاتِ وَأَصْحَابَهَ بِمُصَادَرَةِ أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ، وَسَعَى لَهُ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ، وَهَارُونُ بْنُ غَرِيبِ الْخَالِ، وَنَصْرٌ الْحَاجِبُ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْخَاقَانِيُّ، وَالِدُ أَبِي الْقَاسِمُ، مَرِيضًا شَدِيدَ الْمَرَضِ، وَقَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ لِكِبَرِ سِنِّهِ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِشَيْءٍ مِنْ حَالِ وَلَدِهِ، وَتَوَلَّى أَبُو الْقَاسِمِ الْوِزَارَةَ تَاسِعَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ الْمُقْتَدِرُ يَكْرَهُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ الْفُرَاتِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، بِوِلَايَتِهِ قَالَ: الْخَلِيفَةُ هُوَ الَّذِي نُكِبَ لَا أَنَا، يَعْنِي أَنَّ الْوَزِيرَ عَاجِزٌ لَا يَعْرِفُ أَمْرَ الْوِزَارَةِ.
وَلَمَّا وَزَرَ الْخَاقَانِيُّ شَفَعَ إِلَيْهِ مُؤْنِسٌ الْخَادِمُ فِي إِعَادَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى (مِنْ صَنْعَاءَ) إِلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَى جَعْفَرٍ عَامِلِ الْيَمَنِ فِي الْإِذْنِ لِعَلِيِّ بْنِ عِيسَى فِي الْعَوْدِ إِلَى مَكَّةَ، وَأَذِنَ لِعَلِيٍّ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى أَعْمَالِ مِصْرَ وَالشَّامِ. وَمَاتَ أَبُو عَلِيٍّ الْخَاقَانِيُّ فِي وِزَارَةِ وَلَدِهِ هَذِهِ.
ذِكْرُ قَتْلِ ابْنِ الْفُرَاتِ وَوَلَدِهِ الْمُحَسِّنَ
وَكَانَ الْمُحَسِّنُ ابْنُ الْوَزِيرِ ابْنِ الْفُرَاتِ مُخْتَفِيًا، كَمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ عِنْدَ حَمَاتِهِ حُزَانَةَ، وَهِيَ وَالِدَةُ الْفَضْلِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَكَانَتْ تَأْخُذُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، وَتَعُودُ بِهِ إِلَى الْمَنَازِلِ الَّتِي يَثِقُ بِأَهْلِهَا عِشَاءً وَهُوَ فِي زِيِّ امْرَأَةٍ، فَمَضَتْ يَوْمًا إِلَى مَقَابِرِ قُرَيْشٍ، وَأَدْرَكَهَا اللَّيْلُ، فَبَعُدَ عَلَيْهَا الطَّرِيقُ، فَأَشَارَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ مَعَهَا أَنْ تَقْصِدَ امْرَأَةً صَالِحَةً تَعْرِفُهَا بِالْخَيْرِ، تَخْتَفِي عِنْدَهَا، فَأَخَذَتِ الْمُحَسِّنَ وَقَصَدَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَقَالَتْ