عَلَيَّ وَعَلَى غَيْرِي أَنْ تَسْتَضْعِفَ الدَّوْلَةَ وَتُقَوِّيَ أَعْدَاءَهَا لِتَشْفِيَ، غَيْظَ قَلْبِكَ مِمَّنْ صَادَرَكَ وَأَخَذَ أَمْوَالَكَ، وَمَنِ الَّذِي سَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْقَرْمَطِيِّ غَيْرُكُ لِمَا يُجْمَعُ بَيْنَكُمَا مِنَ التَّشَيُّعِ وَالرَّفْضِ؟ وَقَدْ أَظْهَرَ أَيْضًا أَنَّ ذَلِكَ الْعَجَمِيَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَرْمَطِيِّ، وَأَنْتَ أَوْصَلْتَهُ.

فَحَلَفَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَنَّهُ مَا كَاتَبَ الْقَرْمَطِيَّ، وَلَا هَادَاهُ، وَلَا رَأَى ذَلِكَ الْأَعْجَمِيَّ إِلَّا تِلْكَ السَّاعَةَ، وَالْمُقْتَدِرُ مُعْرِضٌ عَنْهُ، وَأَشَارَ نَصْرٌ عَلَى الْمُقْتَدِرِ أَنْ يُحْضِرَ مُؤْنِسًا وَمَنْ مَعَهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالْحُضُورِ، فَسَارَ إِلَى ذَلِكَ وَنَهَضَ ابْنُ الْفُرَاتِ، فَرَكِبَ فِي طَيَّارَةٍ فَرَجَمَهُ الْعَامَّةُ حَتَّى كَادَ يَغْرَقُ.

(وَتَقَدَّمَ الْمُقْتَدِرُ) إِلَى يَاقُوتٍ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْكُوفَةِ، (لِيَمْنَعَهَا مِنَ الْقَرَامِطَةِ فَخَرَجَ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَمَعَهُ وَلَدَاهُ الْمُظَفَّرُ وَمُحَمَّدٌ، فَخَرَجَ عَلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ مَالٌ عَظِيمٌ، وَوَرَدَ الْخَبَرُ بِعَوْدِ الْقَرَامِطَةِ، فَعُطِّلَ مَسِيرُ يَاقُوتٍ) .

وَوَصَلَ مُؤْنِسٌ الْمُظَفَّرُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَلَمَّا رَأَى الْمُحَسِّنُ ابْنُ (الْوَزِيرِ ابْنِ) الْفُرَاتِ انْحِلَالَ أُمُورِهِمْ، أَخَذَ كُلَّ مَنْ كَانَ مَحْبُوسًا (عِنْدَهُ مِنَ الْمُصَادَرِينَ) ، فَقَتَلَهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَلِيلَةً (وَلَمْ يُوصِلْهَا إِلَى الْمُقْتَدِرِ) ، فَخَافَ أَنْ يُقِرُّوا عَلَيْهِ.

ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى الْوَزِيرِ ابْنِ الْفُرَاتِ وَوَلَدِهِ الْمُحَسِّنِ

ثُمَّ إِنَّ الْإِرْجَافَ كَثُرَ عَلَى ابْنِ الْفُرَاتِ، فَكَتَبَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ يَعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَأَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا عَادَوْهُ لِنُصْحِهِ وَشَفَقَتِهِ، وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْهُمْ، فَأَنْفَذَ الْمُقْتَدِرُ إِلَيْهِ يُسَكِّنُهُ وَيُطَيِّبُ (قَلْبَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015