وَسَمِعَ مُؤْنِسٌ خَبَرَ الْحُسَيْنِ، وَجَدَّ مُؤْنِسٌ فِي الْمَسِيرِ نَحْوَ الْحُسَيْنِ، وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ أَحْمَدَ بْنَ كَيْغَلَغَ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ رَاسَلَهُ الْحُسَيْنُ يَعْتَذِرُ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمَا، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ حَالٌ، فَرَحَلَ مُؤْنِسٌ نَحْوَ الْحُسَيْنِ حَتَّى نَزَلَ بِإِزَاءِ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَحَلَ الْحُسَيْنُ نَحْوَ أَرْمِينِيَّةَ مَعَ ثَقَلِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَتَفَرَّقَ عَسْكَرُ الْحُسَيْنِ عَنْهُ، وَصَارُوا إِلَى مُؤْنِسٍ.
ثُمَّ إِنَّ مُؤْنِسًا جَهَّزَ جَيْشًا فِي أَثَرِ الْحُسَيْنِ، مُقَدَّمُهُمْ بُلَيْقٌ وَمَعَهُ سِيمَا الْجَزَرِيُّ، وَجَنَّى الصَّفْوَانِيُّ، فَتَبِعُوهُ إِلَى تَلِّ فَافَانَ، فَرَأَوْهَا خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، قَدْ قَتَلَ أَهْلَهَا وَأَحْرَقَهَا، فَجَدُّوا فِي اتِّبَاعِهِ فَأَدْرَكُوهُ فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأُسِرَ هُوَ وَمَعَهُ ابْنُهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَجَمِيعُ أَهْلِهِ وَأَكْثَرُ مَنْ صَحِبَهُ، وَقَبَضَ أَمْلَاكَهُ.
وَعَادَ مُؤْنِسٌ إِلَى بَغْدَاذَ عَلَى [طَرِيقِ] الْمَوْصِلِ وَالْحُسَيْنُ مَعَهُ، فَأُرْكِبَ عَلَى جَمَلٍ هُوَ وَابْنُهُ وَعَلَيْهِمَا الْبَرَانِسُ، وَاللُّبُودُ الطِّوَالُ، وَقُمْصَانٌ مِنْ شَعْرٍ أَحْمَرَ وَحُبِسَ الْحُسَيْنُ وَابْنُهُ عِنْدَ زَيْدَانَ الْقَهْرَمَانَةِ، وَقَبَضَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى أَبِي الْهَيْجَاءِ بْنِ حَمْدَانَ (وَعَلَى جَمِيعِ إِخْوَتِهِ وَحُبِسُوا، وَكَانَ قَدْ هَرَبَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ) ، فَجَمَعَ جَمْعًا وَمَضَى نَحْوَ آمِدَ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ مُسْتَحْفِظُهَا، وَقُتِلَ ابْنُ الْحُسَيْنِ وَأُنْفِذَ رَأْسُهُ إِلَى بَغْدَاذَ.
ذِكْرُ بِنَاءِ الْمَهْدِيَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْمَهْدِيُّ بِنَفْسِهِ إِلَى تُونِسَ وَقَرْطَاجَنَّةَ وَغَيْرِهِمَا يَرْتَادُ مَوْضِعًا عَلَى