ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ بِهَا، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ صُعْلُوكٌ، فَغَيَّرَ رُسُومَ ابْنَ نُوحٍ، (وَأَسَاءَ السِّيرَةَ، وَقَطَعَ عَنْ رُؤَسَاءَ الدَّيْلَمِ مَا كَانَ يُهْدِيهِ إِلَيْهِمُ ابْنُ نُوحٍ) ، فَانْتَهَزَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْفُرْصَةَ، وَهَيَّجَ الدَّيْلَمَ عَلَيْهِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَأَجَابُوهُ وَخَرَجُوا مَعَهُ، وَقَصَدَهُمْ صُعْلُوكٌ فَالْتَقَوْا بِمَكَانٍ يُسَمَّى نَوْرُوزَ وَهُوَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، عَلَى يَوْمٍ مِنْ سَالُوسَ، فَانْهَزَمَ ابْنُ صُعْلُوكٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ، وَحَصَرَ الْأُطْرُوشُ الْبَاقِينَ ثُمَّ أَمَّنَهُمْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ، فَأَمَّنَهُمْ وَعَادَ عَنْهُمْ إِلَى آمُلَ وَانْتَهَى إِلَيْهِمُ الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ الدَّاعِي الْعَلَوِيُّ، وَكَانَ خَتَنَ الْأُطْرُوشِ، فَقَتَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَمَّنَهُمْ، وَلَا عَاهَدَهُمْ وَاسْتَوْلَى الْأُطْرُوشُ عَلَى طَبَرِسْتَانَ.

وَخَرَجَ صُعْلُوكٌ إِلَى الرَّيِّ، وَذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى بَغْدَاذَ وَكَانَ الْأُطْرُوشُ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ (مِنَ الدَّيْلَمِ) الَّذِينَ هُمْ وَرَاءَ أَسْفِيدَرُوذَ إِلَى نَاحِيَةِ آمُلَ، وَهُمْ يَذْهَبُونَ مَذْهَبَ الشِّيعَةِ.

وَكَانَ الْأُطْرُوشُ زِيْدِيَّ الْمَذْهَبِ، شَاعِرًا مُفُلِّقًا، ظَرِيفًا، عَلَّامَةً، إِمَامًا فِي الْفِقْهِ وَالدِّينِ، كَثِيرَ الْمُجُونِ، حَسَنَ النَّادِرَةِ.

حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ عَلَى جُرْجَانَ، وَكَانَ يُرْمَى بِالْأُبْنَةِ، فَاسْتَعْجَزَهُ الْحَسَنُ يَوْمًا فِي شُغْلٍ لَهُ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ! أَنَا أَحْتَاجُ إِلَى رِجَالٍ أَجْلَادٍ يُعِينُونَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ.

وَكَانَ سَبَبُ صَمَمِهِ أَنَّهُ ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ بِسَيْفٍ فِي حَرْبِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ فَطَرِشَ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: يَوْمًا لِابْنِهِ أَبِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015