ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيفَةَ أَحْضَرَ الْوَزِيرَ ابْنَ الْفُرَاتِ مِنْ مَحْبِسِهِ، فَجَعَلَهُ عِنْدَهُ فِي بَعْضِ الْحُجَرِ مُكَرَّمًا، فَكَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ مُطَالَعَاتِ الْعُمَّالِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَأَكْرَمَهُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، بَعْدَ أَنْ أَخَذَ أَمْوَالَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا غَزَا رُسْتُمُ أَمِيرُ الثُّغُورِ الصَّائِفَةَ مِنْ نَاحِيَةِ طَرَسُوسَ، وَمَعَهُ دَمْيَانَةُ، فَحَصَرَ حِصْنَ مَلِيحٍ الْأَرْمَنِيِّ، ثُمَّ دَخَلَ بَلَدَهُ وَأَحْرَقَهُ.
وَفِيهَا دَخَلَ بَغْدَاذَ الْعُطَيْرُ وَالْأَغْبَرُ وَهُمَا مِنْ قُوَّادِ زَكْرَوَيْهِ الْقَرْمَطِيِّ، دَخَلَا بِالْأَمَانِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَفِيهَا جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْقَرَامِطَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ إِلَى بَابِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عَلَيْهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كُنْدَاجِيقَ، وَكَانَ وُصُولُهُمْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَوَقَعَ الصَّوْتُ بِمَجِيءِ الْقَرَامِطَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمُوَكَّلُونَ بِحِفْظِ بَابِ الْبَصْرَةِ، فَرَأَوْا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِمَا، فَقَتَلَ الْقَرَامِطَةُ مِنْهُمْ رَجُلًا وَعَادُوا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي جَمْعٍ، فَلَمْ يَرَهُمْ، فَسَيَّرَ فِي أَثَرِهِمْ جَمَاعَةً، فَأَدْرَكُوهُمْ، وَكَانُوا نَحْوَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَقَاتَلُوهُمْ، فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ، وَعَادَ ابْنُ كُنْدَاجِيقَ وَأَغْلَقَ أَبْوَابَ