أَرَى سُبْكَرِيًّا قَدْ تَأَخَّرَ عَنَّا، فَتَعَرَّفُوا خَبَرَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَعَادَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ سُبْكَرِيًّا سَارَ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى شِيرَازَ، فَلَامَ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ: مِنْ جِهَتِكُمْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ حَتَّى اسْتَوْحَشَ، وَعَادَ مُؤْنِسٌ وَمَعَهُ اللَّيْثُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَعَادَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ إِلَى قُمَّ.
ذِكْرُ أَخْذِ فَارِسَ مِنْ سُبْكَرِيٍّ
لَمَّا عَادَ مُؤْنِسٌ عَنْ سُبْكَرِيٍّ اسْتَوْلَى كَاتِبُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَعْفَرٍ عَلَى الْأُمُورِ فَحَسَدَهُ أَصْحَابُ سُبْكَرِيٍّ فَنَقَلُوا عَنْهُ أَنَّهُ كَاتَبَ الْخَلِيفَةَ، وَأَنَّهُ قَدْ حَلَّفَ أَكْثَرَ الْقُوَّادِ لَهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ، وَاسْتَكْتَبَ مَكَانَهُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ، فَحَمَلَهُ عَلَى الْعِصْيَانِ وَمَنْعِ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ.
فَكَتَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى ابْنِ الْفُرَاتِ، وَزِيرِ الْخَلِيفَةِ، يَعَرِّفُهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمَّا نَهَى سُبْكَرِيًّا عَنِ الْعِصْيَانِ قَبَضَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ ابْنُ الْفُرَاتِ إِلَى مُؤْنِسٍ، وَهُوَ بِوَاسِطَ، يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَى فَارِسَ، وَيُعَجِّزُهُ حَيْثُ لَمْ يَقْبِضْ عَلَى سُبْكَرِيٍّ، وَيَحْمِلْهُ مَعَ اللَّيْثِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَعَادَ مُؤْنِسٌ إِلَى الْأَهْوَازِ.
وَأَرْسَلَ سُبْكَرِيٌّ مُؤْنِسًا، وَهَادَاهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَتَوَسَّطَ حَالَهُ مَعَ الْخَلِيفَةِ، فَكَتَبَ فِي أَمْرِهِ، وَبَذَلَ عَنْهُ مَالًا، فَلَمْ يَسْتَقِرَّ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، وَعَلِمَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَنَّ مُؤْنِسًا يَمِيلُ إِلَى سُبْكَرِيٍّ، فَأَنْفَذَ وَصِيفًا كَاتِبَهُ، وَجَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ، (وَمُحَمَّدَ بْنَ) جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيَّ، وَعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ فَارِسَ، وَكَتَبَ إِلَى مُؤْنِسٍ يَأْمُرُهُ بِاسْتِصْحَابِ اللَّيْثِ مَعَهُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَعَادَ مُؤْنِسٌ.
وَسَارَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى فَارِسَ، وَوَاقَعَ سُبْكَرِيًّا عَلَى بَابِ شِيرَازَ فَانْهَزَمَ سُبْكَرِيٌّ إِلَى بُمَّ وَتَحَصَّنُ بِهَا، وَتَبِعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَصَرَهُ بِهَا فَخَرَجَ إِلَيْهِ سُبْكَرِيٌّ وَحَارَبَهُ