الْأَمْوَالَ، وَاسْتَقَرَّتْ قَدَمُهُ، وَدَانَتْ لَهُ أَهْلُ الْبِلَادِ، وَاسْتَعْمَلَ الْعُمَّالَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا، فَاسْتَعْمَلَ عَلَى جَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خِنْزِيرٍ، (فَوَصَلَ إِلَى مَازَرَ عَاشِرَ) ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، (فَوَلَّى أَخَاهُ عَلَى جَرْجَنْتَ) ، وَجَعَلَ قَاضِيًا بِصِقِلِّيَةَ إِسْحَاقَ بْنَ الْمِنْهَالِ، وَهُوَ أَوَّلُ قَاضٍ تَوَلَّى بِهَا لِلْمَهْدِيِّ الْعَلَوِيَّ.
وَبَقِيَ ابْنُ أَبِي خِنْزِيرٍ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، فَسَارَ فِي عَسْكَرِهِ إِلَى دَمَنْشَ، فَغَنِمَ، وَسَبَى، وَأَحْرَقَ، وَعَادَ فَبَقِيَ مُدَّةً يَسِيرَةً، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي أَهْلِهَا، فَثَارُوا بِهِ، وَأَخَذُوهُ وَحَبَسُوهُ، وَكَتَبُوا إِلَى الْمَهْدِيِّ بِذَلِكَ، وَاعْتَذَرُوا، فَقَبِلَ عُذْرَهُمْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الْبَلَوِيَّ، فَوَصَلَ آخِرَ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
ذِكْرُ قَتْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيِّ (وَأَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ)
فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ قُتِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ، قَتَلَهُ الْمَهْدِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ لَمَّا اسْتَقَامَتْ لَهُ الْبِلَادُ، وَدَانَتْ لَهُ الْعِبَادُ، وَبَاشَرَ الْأُمُورَ بِنَفْسِهِ، وَكَفَّ يَدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَيَدَ أَخِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ، دَاخَلَ أَبَا الْعَبَّاسِ الْحَسَدُ، وَعَظُمَ عَلَيْهِ الْفِطَامُ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ، فَأَقْبَلَ يُزْرِي عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي مَجْلِسِ أَخِيهِ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهِ، وَأَخُوهُ يَنْهَاهُ، وَلَا يَرْضَى فِعْلَهُ، فَلَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ إِلَّا لَجَاجًا.
ثُمَّ إِنَّهُ أَظْهَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ لَهُ: مَلَكْتَ أَمْرًا، فَجِئْتَ بِمَنْ أَزَالَكَ عَنْهُ، وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسْقِطَ حَقَّكَ.