إِفْرِيقِيَّةَ أَحْضَرَ الْأَحْوَلَ وَقَتَلَهُ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحْوَلَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكْسِرُ عَيْنَهُ إِذَا أَدَامَ النَّظَرَ فَلُقِّبَ بِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ انْتَشَرَتْ حِينَئِذٍ جُيُوشُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الْبِلَادِ، وَصَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْمَهْدِيُّ يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَيَمْلِكُ الْأَرْضَ، فَيَا طُوبَى لِمَنْ هَاجَرَ إِلَيَّ وَأَطَاعَنِي! وَيُغْرِي النَّاسَ بِأَبِي مُضَرَ، وَيَعِيبُهُ.

وَكَانَ كُلُّ مَنْ عِنْدَ زِيَادَةِ اللَّهِ مِنَ الْوُزَرَاءِ شِيعَةً، فَلَا يَسُوءُهُمْ أَنْ يَظْفَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا سِيَّمَا مَعَ مَا كَانَ يَذْكُرُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَاتِ الَّتِي لِلْمَهْدِيِّ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَرَدِّ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَمِلْكِهِ الْأَرْضَ بِأَسْرِهَا! وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُرْسِلُ إِلَيْهِمْ، وَيَسْحَرُهُمْ، وَيَعِدُهُمْ.

ذِكْرُ سَبَبِ اتِّصَالِ الْمَهْدِيِّ عُبَيْدِ اللَّهِ بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيِّ وَمَسِيرِهِ إِلَى سِجِلْمَاسَةَ

لِمَا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ ادَّعَى وَلَدُهُ أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَسْتُرُونَ، وَيُسِرُّونَ أَمْرَهُمْ، وَيُخْفُونَ أَشْخَاصَهُمْ.

وَكَانَ وَلَدُهُ أَحْمَدُ هُوَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ، فَتُوُفِّيَ وَخَلَّفَ وَلَدَهُ مُحَمَّدًا، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يُكَاتِبُهُ الدُّعَاةُ فِي الْبِلَادِ، وَتُوَفِّيَ مُحَمَّدٌ وَخَلَّفَ أَحْمَدَ وَالْحُسَيْنَ، فَسَارَ الْحُسَيْنُ إِلَى سَلَمِيَّةَ مِنْ أَرْضِ حِمْصَ، وَلَهُ بِهَا وَدَائِعُ وَأَمْوَالٌ مِنْ وَدَائِعِ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَدَّاحِ، وَوُكَلَاءُ، وَغِلْمَانٌ، وَبَقِيَ بِبَغْدَاذَ مِنْ أَوْلَادِ الْقَدَّاحِ أَبُو الشَّلَغْلَغِ.

وَكَانَ الْحُسَيْنُ يَدَّعِي أَنَّهُ الْوَصِيُّ وَصَاحِبُ الْأَمْرِ، وَالدُّعَاةُ بِالْيَمَنِ وَالْمَغْرِبِ يُكَاتِبُونَهُ وَيُرَاسِلُونَهُ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ جَرَى بِحَضْرَتِهِ حَدِيثُ النِّسَاءِ بِسَلَمِيَّةَ، فَوَصَفُوا لَهُ امْرَأَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015