وَلَمَّا بُويِعَ الْمُقْتَدِرُ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، حِينَ بُويِعَ، خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ (أَلْفِ) دِينَارٍ، فَأَطْلَقَ يَدَ الْوَزِيرِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ حَقَّ الْبَيْعَةِ.
وَكَانَ مَوْلِدُ الْمُقْتَدِرِ ثَامِنَ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا شَغَبُ، فَلَمَّا بُويِعَ اسْتَصْغَرَهُ الْوَزِيرُ، وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَثُرَ كَلَامُ النَّاسِ (فِيهِ) ، فَعَزَمَ عَلَى خَلْعِهِ، وَتَقْلِيدِ الْخِلَافَةِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُعْتَمِدِ عَلَى اللَّهِ، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ، (جَمِيلَ الْوَجْهِ) وَالْفِعْلِ، فَرَاسَلَهُ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَقَرَّ الْحَالُ، وَانْتَظَرَ الْوَزِيرُ قُدُومَ بَارِسَ حَاجِبُ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ خُرَاسَانَ، وَكَانَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْقُدُومِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَرَادَ الْوَزِيرُ [أَنْ] يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى غِلْمَانِ الْمُعْتَضِدِ، فَتَأَخَّرَ بَارِسُ.
وَاتَّفَقَ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَمِدِ وَبَيْنَ ابْنِ عَمْرَوَيْهِ، صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، (مُنَازَعَةٌ) فِي ضَيْعَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا، فَأَغْلَظَ ابْنُ عَمْرَوَيْهِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْمُعْتَمِدِ غَضَبًا شَدِيدًا، وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَفُلِجَ فِي الْمَجْلِسِ، فَحُمِلَ إِلَى ثِيَتِهِ فِي مِحَفَّةٍ، فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَأَرَادَ الْوَزِيرُ الْبَيْعَةَ لِأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، فَمَاتَ أَيْضًا بَعْدَ