قَبْرَاثَا لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ.
وَجَدَّ هَارُونُ فِي قِتَالِ الْحِصْنِ، وَكَانَ مَعَهُ سَلَالِيمُ قَدْ أَخَذَهَا، وَزَحَفَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَصْحَابُهُ قَدْ مَنَعُوا أَحَدًا يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ أَعْلَى السُّورِ، فَلَمَّا رَأَى مَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ تَغَلُّبَهُ عَلَى الْحِصْنِ أَعْطَوْا مَنْ فِيهِ مِنْ بَنِي زُهَيْرٍ الْأَمَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ هَارُونَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغْيِيرِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَتَلَ أَبَا هِلَالِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَنَفَرًا مَعَهُ قَبْلَ الْأَمَانِ، وَفَتَحُوا الْحِصْنَ، وَمَلَكُوا مَا فِيهِ.
وَسَارُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، وَهُوَ بِقَبْرَاثَا، فَلَقُوهُ وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ هَارُونُ وَمَنْ مَعَهُ، فَوَقَفَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَنَادَى رِجَالًا بِأَسْمَائِهِمْ فَاجْتَمَعُوا نَحْوَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَحَمَلُوا عَلَى مَيْمَنَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ. فَانْهَزَمَتِ الْمَيْمَنَةُ، وَعَادَتِ الْحَرْبُ، فَانْهَزَمَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ مَعَهُ، وَوَضَعُوا السَّيْفَ فِيهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ، وَحَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، وَجَمَعَ هَارُونُ مَا لَهُمْ فَقَسَّمَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَانْهَزَمَ مُحَمَّدٌ إِلَى آمِدَ، فَأَخَذَهُ صَاحِبُهَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ، بَعْدَ حَرْبٍ، فَظَفِرَ بِهِ، فَأَخَذَهُ أَسِيرًا، وَسَيَّرَهُ إِلَى الْمُعْتَضِدِ، فَسَلَخَ جِلْدَهُ كَمَا يَسْلُخُ الشَّاةَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
لَمَّا افْتَتَحَ بْنُ أَبِي السَّاجِ مَرَاغَةَ، بَعْدَ حَرْبٍ شَدِيدَةٍ وَحِصَارٍ عَظِيمٍ، أَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بَعْدَ أَنْ أَمَّنَهُ وَأَصْحَابَهُ، وَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ، وَقَرَّرَهُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ.
وَفِيهَا مَاتَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفَ، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَفِيهَا افْتَتَحَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَمَّانَ، وَبَعَثَ بِرُءُوسِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهَا.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ جَعْفَرُ بْنُ الْمُعْتَمِدِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَكَانَ يُنَادِمُ الْمُعْتَضِدَ.