أَحَدٌ قَبْلَهُ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكُمْ فَأَكْرِمُوهُمْ، ثُمَّ أَحْضَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُمْ: مَنِ اخْتَارَ الْمُقَامَ عِنْدِي فَلَهُ الْإِكْرَامُ وَالْمُوَاسَاةُ، وَمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ جَهَّزْنَاهُ وَسَيَّرْنَاهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ مُكْرَمًا، وَعَادَتْ عَسْكَرُ خُمَارَوَيْهِ إِلَى الشَّامِ فَفَتَحَتْهُ أَجْمَعَ، فَاسْتَقَرَّ مُلْكُ خُمَارَوَيْهِ لَهُ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، وَعَمْرٍو الصَّفَّارِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ عَسَاكِرِ الْخَلِيفَةِ وَفِيهَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفَ، وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ الصَّفَّارِ، وَدَامَتِ الْحَرْبُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الظُّهْرِ، فَانْهَزَمَ عَمْرٌو وَعَسَاكِرُهُ، وَكَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا بَيْنَ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، وَجُرِحَ الدِّرْهَمِيُّ مُقَدَّمُ جَيْشِ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، وَقُتِلَ مِائَةُ رَجُلٍ مِنْ حُمَاتِهِمْ، وَأُسِرَ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَسِيرٍ، اسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ، وَغَنِمُوا مِنْ مُعَسْكَرِ عَمْرٍو مِنَ الدَّوَابِّ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَأْسٍ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَخَارِجٌ عَنِ الْحَدِّ.
ذِكْرُ حُرُوبِ الْأَنْدَلُسِ وَإِفْرِيقِيَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ مُحَمَّدٌ صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ جَيْشًا مَعَ ابْنِهِ الْمُنْذِرِ إِلَى مَدِينَةِ بَطْلَيُوسَ، فَزَالَ عَنْهَا ابْنُ مَرْوَانَ الْجِلِّيقِيُّ، وَكَانَ مُخَالِفًا، كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَصَدَ حِصْنَ أَشِيرَ غِرَّةً فَتَحَصَّنَ بِهِ، فَأَحْرَقَ الْمُنْذِرُ بَطْلَيُوسَ، وَسَيَّرَ مُحَمَّدٌ أَيْضًا جَيْشًا مَعَ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى مَدِينَةِ سَرَقُسْطَةَ، بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُبِّ بْنِ مُوسَى، فَمَلَكَهَا هَاشِمٌ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا مُحَمَّدًا، وَكَانَ مَعَهُ عُمَرُ بْنُ حَفْصُونٍ الَّذِي ذَكَرْنَا خُرُوجَهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ فَصَالَحَهُ.
فَلَمَّا عَادُوا إِلَى قُرْطُبَةَ هَرَبَ عُمَرُ بْنُ حَفْصُونٍ، وَقَصَدَ بَرْبُشْتَرَ مُخَالِفًا، فَاهْتَمَّ صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ بِهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.