وَمِمَّنْ كَانَ فِي الْفَتْرَةِ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَبْسِيُّ، قِيلَ: كَانَ نَبِيًّا، وَكَانَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّ نَارًا ظَهَرَتْ بِأَرْضِ الْعَرَبِ فَافْتُتِنُوا بِهَا وَكَادُوا يَتَمَجَّسُونَ، فَأَخَذَ خَالِدٌ عَصَاهُ وَدَخَلَهَا حَتَّى تَوَسَّطَهَا فَفَرَّقَهَا، وَهُوَ يَقُولُ: بَدَّا بَدَّا، كُلُّ هُدًى مُؤَدَّى، لَأَدْخُلَنَّهَا وَهِيَ تَلَظَّى، وَلَأَخْرُجَنَّ مِنْهَا وَثِيَابِي تَنَدَّى. ثُمَّ إِنَّهَا طُفِئَتْ وَهُوَ فِي وَسَطِهَا.
فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِأَهْلِهِ: إِذَا دُفِنْتُ فَإِنَّهُ سَتَجِيءُ عَانَةٌ مِنْ حِمْيَرَ يَقْدُمُهَا عَيْرٌ أَبْتَرُ فَيَضْرِبُ قَبْرِي بِحَافِرِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَانْبِشُوا عَنِّي فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِجَمِيعِ مَا هُوَ كَائِنٌ. فَلَمَّا مَاتَ وَدَفَنُوهُ رَأَوْا مَا قَالَ، فَأَرَادُوا نَبْشَهُ، فَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ قَالُوا: نَخَافُ إِنْ نَبَشْنَاهُ أَنْ تَسُبَّنَا الْعَرَبُ بِأَنَّا نَبَشْنَا مَيِّتًا لَنَا فَتَرَكُوهُ.
فَقِيلَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِيهِ: ( «ذَلِكَ نَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ» ) .