وَالْمَنَازِلِ، وَأَقْطَعَهَا مَسْرُورًا الْبَلْخِيَّ، وَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ بَغْدَاذَ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ الزَّنْجِ
وَفِيهَا نَفَّذَ قَائِدُ الزَّنْجِ جُيُوشَهُ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَطِيحَةِ وَدِسْتَ مَيْسَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ النَّوَاحِيَ، لَمَّا خَلَتْ مِنَ الْعَسَاكِرِ السُّلْطَانِيَّةِ بِسَبَبِ عَوْدِ مَسْرُورٍ لِحَرْبِ يَعْقُوبَ، بَثَّ صَاحِبُ الزَّنْجِ سَرَايَاهُ فِيهَا، تَنْهَبُ، وَتُخَرِّبُ.
وَأَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِخُلُوِّ الْبَطِيحَةِ مِنْ جُنْدِ السُّلْطَانِ، فَأَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ جَامِعٍ، وَجَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْحَوَانِيتِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى بِالْمَسِيرِ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ.
وَقَدِمَ ابْنُ التُّرْكِيِّ فِي ثَلَاثِينَ شَذَاةٍ يُرِيدُ عَسْكَرَ الزَّنْجِ، فَنَهَبَ، وَأَحْرَقَ، فَكَتَبَ الْخَبِيثُ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى يَأْمُرُهُ بِمَنْعِهِ مِنَ الْعُبُورِ، فَأَخَذَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، فَقَاتَلَهُمْ شَهْرًا حَتَّى تَخَلَّصَ، وَانْحَازَ سُلَيْمَانُ بْنُ جَامِعٍ مِنْ مَذْكُورِي الْبِلَالِيَّةِ، وَأَنْجَادِهِمْ، جَمْعٌ كَثِيرٌ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ سُمَيْرِيَّةٍ، وَكَانَ مَسْرُورٌ قَدْ وَجَّهَ قَبْلَ مَسِيرِهِ عَنْ وَاسِطَ إِلَى الْمُعْتَمِدِ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ فِي شَذَوَاتٍ، فَظَفِرَ بِهِمْ سُلَيْمَانُ وَهَزَمَهُمْ، وَأَخَذَ مِنْهُمْ سَبْعَ شَذَوَاتٍ وَقَتَلَ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ.
وَأَشَارَ الْبَاهِلِيُّونَ عَلَى سُلَيْمَانَ أَنْ يَتَحَصَّنَ فِي عَقْرَ، مَا وَرَاءَ طَهْثَا، وَالْأَدْغَالِ الَّتِي فِيهَا، كَرِهُوا خُرُوجَهُ عَنْهُمْ لِمُوَافَقَتِهِ فِي فِعْلِهِ، وَخَافُوا السُّلْطَانَ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ مَرْوَانَ، بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ نَهْرِ طَهْثَا، وَجَمَعَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءَ الْبَاهِلِيِّينَ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَبِيثِ يُعْلِمُهُ بِمَا صَنَعَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يُصَوِّبُ رَأْيَهُ، وَيَأْمُرُ بِإِنْفَاذِ مَا عِنْدَهُ مِنْ مِيرَةٍ وَنَعَمٍ، فَأَنْفَذَ ذَلِكَ إِلَيْهِ.
وَوَرَدَ عَلَى سُلَيْمَانَ أَنَّ أَغْرَتْمِشَ، وَحَشِيشًا قَدْ أَقْبَلَا فِي الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ،