ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ بَاغٍ أَخُو حَسَدٍ
يَرْمِيكَ بِالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ عَنْ وَتَرِ ... وَصِيفٌ فِي الْكَرْخِ مَمْثُولٌ بِهِ وَبُغَا
بِالْجِسْرِ مُحْتَرِقٌ بِالنَّارِ وَالشَّرَرِ ... وَصَالِحُ بْنُ وَصِيفٍ بَعْدَ مُنْعَفِرٍ
بِالْحِيرِ جُثَّتُهُ وَالرُّوحُ فِي سَقَرِ
ذِكْرُ اخْتِلَافِ الْخَوَارِجِ عَلَى مُسَاوِرٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَالَفَ إِنْسَانٌ مِنَ الْخَوَارِجِ اسْمُهُ عُبَيْدَةُ مِنْ بَنِي زُهَيْرٍ الْعَمْرَوِيُّ عَلَى مُسَاوِرٍ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي تَوْبَةِ الْمُخْطِئِ، فَقَالَ مَسَاوِرٌ: نَقْبَلُ تَوْبَتَهُ ; وَقَالَ عُبَيْدَةُ: لَا نَقْبَلُ، فَجَمَعَ عُبَيْدَةُ جَمْعًا كَثِيرًا وَسَارَ إِلَى مُسَاوِرٍ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ مَسَاوِرٌ مِنَ الْحَدِيثَةِ، فَالْتَقَوْا بِنَوَاحِي جُهَيْنَةَ، بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، فَتَرَجَّلَ مِنْ عِنْدِهِ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَرْقَبُوا دَوَابَّهُمْ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ، وَانْهَزَمَ جَمْعُهُ، فَقُتِلَ أَكْثَرُهُمْ، وَاسْتَوْلَى مُسَاوِرٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِرَاقِ، وَمَنَعَ الْأَمْوَالَ عَنِ الْخَلِيفَةِ، فَضَاقَتْ عَلَى الْجُنْدِ أَرْزَاقُهُمْ، فَاضْطَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ سَارَ إِلَيْهِ مُوسَى بْنُ بُغَا، وَبَايِكْبَاكُ، وَغَيْرُهُمَا فِي عَسْكَرٍ عَظِيمٍ، فَوَصَلُوا إِلَى السِّنِّ، فَأَقَامُوا بِهِ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى سَامَرَّا، لِمَا نَذْكُرُهُ مِنْ خَلْعِ الْمُهْتَدِي.
فَلَمَّا وَلِيَ الْمُعْتَمِدُ الْخِلَافَةَ سَيَّرَ مُفْلِحًا إِلَى مُسَاوِرٍ فِي عَسْكَرٍ كَبِيرٍ، حَسَنِ الْعُدَّةِ، فَلَمَّا قَارَبَ الْحَدِيثَةَ (فَارَقَهُمْ مُسَاوِرٌ، وَقَصَدَ جَبَلَيْنِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا زَيْنِي، وَلِلْآخَرِ عَامِرٌ، وَهُمَا بِالْقُرْبِ مِنَ الْحَدِيثَةِ، فَتَبِعَهُ مُفْلِحٌ، فَعَطَفَ عَلَيْهِ مُسَاوِرٌ وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَمُفْلِحٌ.
وَكَانَ مُسَاوِرٌ قَدِ انْصَرَفَ عَنْ حَرْبِ عُبَيْدَةَ (وَقَدْ جَمَعَ كَثِيرًا) مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَقُوا مُفْلِحًا بِجَبَلِ زَيْنِي، فَلَمْ يَصِلْ مُفْلِحٌ مِنْهُ إِلَى مَا يُرِيدُهُ، (فَصَعِدَ رَأْسَ الْجَبَلِ فَاحْتَمَى