وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْأَتْرَاكَ طَلَبُوا أَرْزَاقَهُمْ، فَقَالَ صَالِحٌ لِلْمُعْتَزِّ: هَؤُلَاءِ يَطْلُبُونَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، وَقَدْ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ الْكُتَّابُ بِالْأَمْوَالِ، وَكَانَ أَحْمَدُ وَزِيرُ الْمُعْتَزِّ، وَالْحُسَيْنُ وَزِيرُ أُمِّ الْمُعْتَزِّ، وَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْرَائِيلَ: يَا عَاصِي ابْنَ الْعَاصِي، فَتَرَاجَعَا الْكَلَامَ، فَسَقَطَ صَالِحٌ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَرَشَّ عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ.
وَبَلَغَ ذَلِكَ أَصْحَابَهُ، وَهُمْ بِالْبَابِ، فَصَاحُوا صَيْحَةً وَاحِدَةً، وَاخْتَرَطُوا سُيُوفَهُمْ، وَدَخَلُوا عَلَى الْمُعْتَزِّ، فَدَخَلَ وَتَرَكَهُمْ، وَأَخَذَ صَالِحٌ أَحْمَدَ بْنَ إِسْرَائِيلَ، وَابْنَ مَخْلَدٍ، وَعِيسَى، فَأَثْقَلَهُمْ بِالْحَدِيدِ، وَحَمَلَهُمْ إِلَى دَارِهِ، فَقَالَ الْمُعْتَزُّ لِصَالِحٍ، قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَهُمْ: هَبْ لِي أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ كَاتِبِي، فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ ضَرَبَهُمْ، وَأَخَذَ خُطُوطَهُمْ بِمَالٍ جَزِيلٍ قُسِّطَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ شَيْءٌ، وَقَامَ جَعْفَرُ بْنُ مَحْمُودٍ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.
وَفِيهَا، فِي رَجَبٍ، ظَهَرَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْحَسَنِيَّانِ بِالْكُوفَةِ، فَقَتَلَا بِهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى.
وَفِيهَا، فِي ذِي الْقَعْدَةِ حُبِسَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ الْقَاضِي، وَوُلِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَائِلٍ الْبَصْرِيُّ قَضَاءَ سَامَرَّا فِي ذِي الْحَجَّةِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ.
وَفِيهَا ظَهَرَ بِمِصْرَ إِنْسَانٌ عَلَوِيٌّ ذُكِرَ أَنَّهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَبَاطَبَا، وَكَانَ ظُهُورُهُ بَيْنَ بُرْقَةَ، وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَسَارَ إِلَى الصَّعِيدِ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ، وَادَّعَى الْخِلَافَةَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ طُولُونَ جَيْشًا، فَقَاتَلُوهُ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، وَثَبَتَ هُوَ فَقُتِلَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى مِصْرَ.