كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ أَيَّامَ مَلِكٍ اسْمُهُ دِقْيُوسْ، وَيُقَالُ دِقْيَانُوسْ، وَكَانُوا بِمَدِينَةٍ لِلرُّومِ اسْمُهَا أَفْسُوسْ، وَمَلِكَهُمْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَكَانُوا فَتِيَّةً آمَنُوا بِرَبِّهِمْ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ - تَعَالَى فَقَالَ: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف: 9] ، وَالرَّقِيمُ خَبَرُهُمْ كُتِبَ فِي لَوْحٍ، وَجُعِلَ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ الَّذِي أَوَوْا إِلَيْهِ، وَقِيلَ: كَتَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ زَمَانِهِمْ وَجَعَلَهُ فِي الْبِنَاءِ وَفِيهِ أَسْمَاؤُهُمْ وَفِي أَيَّامِ مَنْ كَانُوا وَسَبَبُ وُصُولِهِمْ إِلَى الْكَهْفِ.
وَكَانَتْ عِدَّتُهُمْ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، سَبْعَةً وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ، وَقَالَ: إِنَّا مِنَ الْقَلِيلِ الَّذِينَ تَعْلَمُونَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانُوا ثَمَانِيَةً، فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ تَاسِعُهُمْ كَلْبَهُمْ.
وَكَانُوا مِنَ الرُّومِ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، فَهَدَاهُمُ اللَّهُ، وَكَانَتْ شَرِيعَتُهُمْ شَرِيعَةَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ الْمَسِيحِ، وَأَنَّ الْمَسِيحَ أَعْلَمُ قَوْمِهِ بِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُمْ مِنْ رَقْدَتِهِمْ بَعْدَ رَفْعِ الْمَسِيحِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَكَانَ سَبَبَ إِيمَانِهِمْ أَنَّهُ جَاءَ حَوَارِيٌّ مِنْ أَصْحَابِ عِيسَى إِلَى مَدِينَتِهِمْ فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَلَى بَابِهَا صَنَمًا لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ حَتَّى يَسْجُدَ لَهُ، فَلَمْ يَدْخُلْهَا وَأَتَى حَمَّامًا قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَعْمَلُ فِيهِ، فَرَأَى صَاحِبُ الْحَمَّامِ الْبَرَكَةَ وَعَلِقَهُ