مَا فِي بُيُوتِ الْأَمْوَالِ، وَكَانَ فِي حِجْرِهِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمُسْتَعِينِ، وَكَانَ مَا فَضَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ (الثَّلَاثَةِ) أَخَذَهُ أُتَامِشُ لِلْعَبَّاسِ فَصَرَفَهُ فِي نَفَقَاتِهِ، وَكَانَتِ الْمَوَالِي تَنْظُرُ إِلَى الْأَمْوَالِ تُؤْخَذُ وَهُمْ فِي ضِيقَةٍ، وَوَصِيفٌ وَبُغَا بِمَعْزِلٍ مِنْ ذَلِكَ، فَأَغْرَيَا الْمُوَالِيَ بأُتَامِشَ، وَأَحْكَمَا أَمْرَهُ، فَاجْتَمَعَتِ الْأَتْرَاكُ وَالْفَرَاغِنَةُ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَهْلُ الدُّورِ وَالْكَرْخِ، فَعَسْكَرُوا فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَزَحَفُوا إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الْجَوْسَقِ مَعَ الْمُسْتَعِينِ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَأَرَادَ الْهَرَبَ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ، وَاسْتَجَارَ بِالْمُسْتَعِينِ، فَلَمْ يُجِرْهُ، فَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ دَخَلُوا الْجَوْسَقَ، وَأَخَذُوا أُتَامِشَ، فَقَتَلُوهُ، وَقَتَلُوا كَاتِبَهُ شُجَاعًا، وَنُهِبَتْ دُورُ أُتَامِشَ، فَأَخَذُوا مِنْهُ أَمْوَالًا جَمَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ.
فَلَمَّا قُتِلَ استَوْزَرَ الْمُسْتَعِينُ أَبَا صَالِحٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزْدَادَ، وَعَزَلَ الْفَضْلَ بْنَ مَرْوَانَ عَنْ دِيُونِ الْخَرَاجِ، وَوَلَّاهُ عِيسَى بْنُ فَرَّخَانشَاه، وَوَلِيَ وَصِيفٌ الْأَهْوَازَ، وَبُغَا الصَّغِيرُ فِلَسْطِينَ.
ثُمَّ غَضِبَ بُغَا الصَّغِيرُ عَلَى أَبِي صَالِحٍ، فَهَرَبَ إِلَى بَغْدَادَ، فَاسْتَوْزَرَ الْمُسْتَعِينُ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ الْجَرْجَرَائِيَّ، وَجَعَلَ عَلَى دِيوَانِ الرَّسَائِلِ سَعِيدَ بْنَ حُمَيْدٍ، فَقَالَ الْحَمْدُونِيُّ:
لَبِسَ السَّيْفَ سَعِيدٌ بَعْدَمَا ... كَانَ ذَا طِمْرَيْنِ لَا تَوْبَةَ لَهْ إِنَّ لِلَّهِ لِآيَاتٍ
،
وَذَا آيَةٌ لِلَّهِ فِينَا مُنْزَلَهْ