وَصَلَّى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ بِسَامَرَّا، وَبِهَا كَانَ مَوْلِدُهُ.
وَكَانَ أَعْيَنَ، أَقْنَى، قَصِيرًا، مَهِيبًا.
وَهُوَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عُرِفَ قَبَرُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ طَلَبَتْ إِظْهَارَ قَبْرِهِ.
وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ رُومِيَّةً.
ذِكْرُ بَعْضِ سِيرَتِهِ
كَانَ الْمُنْتَصِرُ عَظِيمَ الْحِلْمِ، رَاجِحَ الْعَقْلِ، غَزِيرَ الْمَعْرُوفِ، رَاغِبًا فِي الْخَيْرِ، جَوَادًا، كَثِيرَ الْإِنْصَافِ، حَسَنَ الْعِشْرَةِ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِزِيَارَةِ قَبْرِ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَأَمَّنَ الْعَلَوِيِّينَ، وَكَانُوا خَائِفِينَ أَيَّامَ أَبِيهِ، وَأَطْلَقَ وُقُوفَهُمْ، وَأَمَرَ بِرَدِّ فَدَكَ إِلَى وَلَدِ الْحُسَيْنِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَذَكَرَ أَنَّ الْمُنْتَصِرَ لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ كَانَ أَوَّلَ مَا أَحْدَثَ أَنْ عَزَلَ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ عَلَيٌّ: فَلَمَّا دَخَلْتُ أُوَدِّعُهُ، قَالَ لِي: يَا عَلِيٌّ! إِنِّي أُوَجِّهُكَ إِلَى لَحْمِي وَدَمِي، وَمَدَّ سَاعِدَهُ، وَقَالَ: إِلَى هَذَا أُوَجِّهُ بِكَ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ لِلْقَوْمِ، وَكَيْفَ تُعَامِلُهُمْ، يَعْنِي إِلَى آلِ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ أَمْتَثِلَ أَمْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: إِذَنْ تَسْعَدُ عِنْدِي.
(وَمِنْ كَلَامِهِ: وَاللَّهِ مَا عَزَّ ذُو بَاطِلٍ وَلَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مِنْ جَبِينِهِ، وَلَا ذَلَّ ذُو حَقٍّ وَلَوْ أُصْفِقَ الْعَالَمُ عَلَيْهِ) .