فَكَتَبَ ذَلِكَ، وَقَالَ لِلْمُعْتَزِّ: اكْتُبْ! فَأَبَى، فَقَالَ: اكْتُبْ وَيْلَكَ! [فَكَتَبَ] وَخَرَجَ الْكَاتِبُ عَنْهُمَا، ثُمَّ دَعَاهُمَا، فَدَخَلَا عَلَى الْمُنْتَصِرِ، فَأَجْلَسَهُمَا وَقَالَ: هَذَا كِتَابُكُمَا؟ فَقَالَا: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُمَا، وَالْأَتْرَاكُ وُقُوفٌ: أَتُرَانِي خَلَعْتُكُمَا طَمَعًا فِي أَنْ أَعِيشَ حَتَّى يَكْبُرَ وَلَدِي وَأُبَايِعَ لَهُ؟ وَاللَّهِ مَا طَمِعْتُ فِي ذَلِكَ (سَاعَةً) قَطُّ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ [لِي] فِي ذَلِكَ طَمَعٌ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَلِيَهَا بَنُو أَبِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَلِيَهَا بَنُو عَمِّي، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ، وَأَوْمَأَ إِلَى سَائِرِ الْمَوَالِي مِمَّنْ هُوَ قَائِمٌ عِنْدَهُ وَقَاعِدٌ، أَلَحُّوا عَلَيَّ فِي خَلْعِكُمَا، فَخِفْتُ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ أَنْ يَعْتَرِضَكُمَا بَعْضُهُمْ بِحَدِيدَةٍ فَيَأْتِيَ عَلَيْكُمَا، فَمَا تَرَيَانِي صَانِعًا [إِذَنْ] ؟ أَقْتُلُهُ! فَوَاللَّهِ مَا تَفِي دِمَاؤُهُمْ كُلُّهُمْ بِدَمِ بَعْضِكُمْ، فَكَانَتْ إِجَابَتُهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا أَسْهَلَ عَلَيَّ.
فَقَبَّلَا يَدَهُ وَضَمَّهُمَا، ثُمَّ إِنَّهُمَا أَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا الْقُضَاةَ، وَبَنِي هَاشِمٍ، وَالْقُوَّادَ، وَوُجُوهَ النَّاسِ، وَغَيْرَهُمْ، بِالْخَلْعِ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ الْمُنْتَصِرُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَإِلَى غَيْرِهِ.
ذِكْرُ مَوْتِ الْمُنْتَصِرِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمُنْتَصِرُ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقِيلَ: يَوْمَ السَّبْتَ، (وَكُنْيَتُهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ، وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَقِيلَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) .
وَكَانَتْ عِلَّتُهُ الذَّبْحَةُ فِي حَلْقِهِ أَخَذَتْهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، (لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ) .
وَقِيلَ: كَانَتْ عِلَّتُهُ مِنْ وَرَمٍ فِي مَعِدَتِهِ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى فُؤَادِهِ فَمَاتَ، وَكَانَتْ عِلَّتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ وَجَدَ حَرَارَةً، فَدَعَا بَعْضَ أَطِبَّائِهِ، فَفَصَدَهُ بِمِبْضَعٍ مَسْمُومٍ، فَمَاتَ مِنْهُ،