وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ سَارَ الْعَبَّاسُ إِلَى سَرْقُوسَةَ، فَغَنِمَ وَسَارَ إِلَى غَيْرَانَ قَرْقَنَةَ، فَاعْتَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَمَاتَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثَالِثَ جُمَادَى الْآخِرَةِ، فَدُفِنَ هُنَاكَ، فَنَبَشَهُ الرُّومُ، وَأَحْرَقُوهُ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَدَامَ الْجِهَادَ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَغَزَا أَرْضَ قِلْورَيَةَ، وانكبرده وَأَسْكَنَهَا الْمُسْلِمِينَ.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ يَعْقُوبَ بْنِ اللَّيْثِ
وَفِيهَا تَغَلَّبَ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ بُسْتَ، اسْمُهُ صَالِحُ بْنُ النَّضِرِ الْكِنَانِيُّ، عَلَى سَجِسْتَانَ، وَمَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ، فَعَادَ طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ وَاسْتَنْقَذَهَا مِنْ يَدِهِ.
ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا إِنْسَانٌ اسْمُهُ دِرْهَمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ، فَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا، وَكَانَ غَيْرَ ضَابِطٍ لِعَسْكَرِهِ، وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ هُوَ قَائِدَ عَسْكَرِهِ، فَلَمَّا رَأَى أَصْحَابُ دِرْهَمَ ضَعْفَهُ، وَعَجْزَهُ، اجْتَمَعُوا عَلَى يَعْقُوبَ بْنِ اللَّيْثِ، وَمَلَّكُوهُ أَمْرَهُمْ، لِمَا رَأَوْا مِنْ تَدْبِيرِهِ، وَحُسْنِ سِيَاسَتِهِ، وَقِيَامِهِ بِأُمُورِهِمْ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ لِدِرْهَمٍ لَمْ يُنَازِعْهُ فِي الْأَمْرِ، وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ، وَاعْتَزَلَ عَنْهُ، فَاسْتَبَدَّ يَعْقُوبُ بِالْأَمْرِ، وَضَبَطَ الْبِلَادَ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ وَقَصَدَتْهُ الْعَسَاكِرُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بَغْدَادَ وَمَعَاوِنَ السَّوَادِ.
وَفِيهَا قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَوَلِيَ الْجِزْيَةَ، وَالشُّرْطَةَ، وَخِلَافَةَ الْمُتَوَكِّلِ بِبَغْدَاذَ، وَأَعْمَالَ السَّوَادِ وَأَقَامَ بِهَا.
وَفِيهَا عَزَلَ أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادَ عَنِ الْمَظَالِمِ، وَوَلَّاهَا مُحَمَّدَ بْنَ