وَكَانُوا يُخَوِّفُونَهُ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ، وَيُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِإِبْعَادِهِمْ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ، وَالْإِسَاءَةِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ حَسَّنُوا لَهُ الْوَقِيعَةَ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُ النَّاسُ عُلُوَّ مَنْزِلَتِهِمْ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَبْرَحُوا بِهِ حَتَّى ظَهَرَ مِنْهُ مَا كَانَ، فَغَطَّتْ هَذِهِ السَّيِّئَةُ جَمِيعَ حَسَنَاتِهِ، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ سِيرَةً، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنَ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَحَاسِنِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَكْتَبَ الْمُتَوَكِّلُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ.
وَفِيهَا حَجَّ الْمُنْتَصِرُ بِاللَّهِ، وَحَجَّتْ مَعَهُ جَدَّتُهُ أُمُّ الْمُتَوَكِّلِ.
وَفِيهَا هَلَكَ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمَرْوَزِيُّ فَجْأَةً، وَكَانَ عُقِدَ لَهُ عَلَى أَرْمِينِيَّةَ، وَأَذْرَبِيجَانَ، فَلَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ، وَمَدَّ الْآخَرَ لِيَلْبَسَهُ، فَمَاتَ، فَوَلَّى الْمُتَوَكِّلُ ابْنَهُ يُوسُفَ مَا كَانَ إِلَى أَبِيهِ (مِنَ الْحَرْبِ) وَوَلَّاهُ خَرَاجَ النَّاحِيَةِ، فَسَارَ إِلَيْهَا وَضَبَطَهَا.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ الْمُنْتَصِرُ.
وَفِيهَا خَرَجَ حَبِيبٌ الْبَرْبَرِيُّ بِالْأَنْدَلُسِ بِجِبَالِ الْجَزِيرَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَأَغَارُوا، وَاسْتَطَالُوا، فَسَارَ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنَ، فَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَهُمْ، فَتَفَرَّقُوا.
(وَفِيهَا غَزَا جَيْشٌ بِالْأَنْدَلُسِ بِلَادَ بَرْشِلُونَةَ، فَقَتَلُوا مِنْ أَهْلِهَا، فَأَكْثَرُوا، وَأَسَرُوا جَمًّا غَفِيرًا، وَغَنِمُوا، وَعَادُوا سَالِمِينَ) .